جاءت هذه النظرية لتؤكد ما لم تؤكده النظريتان السابقتان بشأن شدة تأثير وسائل الإعلام على المتلقين، فأصحاب هذه النظرية وأنصارها من إعلاميين واجتماعيين وظروفهم يؤكدون على شدة وفعالية تأثير وسائل الإعلام والاتصال على المتلقين وبالذات من قبل وسائل الاتصال الجماهيري الأوسع انتشاراً (إذاعة، تلفزيون) وبالذات إذا ما اعتمدت وسائل الاتصال الجماهيري على بعض المرتكزات أو المبادئ والتي من أهمها اللجوء إلى بث أو بعث الرسائل الإعلامية مرات عديدة وخلال فترات زمنية قصيرة، بمعنى آخر العمل على تكرار الرسائل الإعلامية والاتصالية كما تحاصر المتلقي أو الجمهور وتنال منه إن علينا استهداف جمهور معين والتركيز عليه إذا ما أردنا للرسالة الإعلامية والاتصالية أن تؤتي أكلها وتؤثر في المتلقي بشدة ثم العمل على تحديد الأهداف المراد تحقيقها بعناية فائقة لكي يقوم المتصل بإنتاج رسائل منسجمة مع هذه الأهداف
إن استعراض نظريات ونماذج التأثير الإعلامي والاتصالي السابقة ليس الهدف منه تغليب نظرية أو نموذج على الآخر وإنما الهدف هو كيفية توظيف هذه النظريات من أجل تحسين أداء الوسائل المختلفة للاتصال وأداء العاملين فيها، بحيث يقدمون برامج ومعلومات تمس الحاجة الحقيقية للمعرفة لدى الفرد أو الجماعة أو المجتمع بأسره وبالتالي إشباع حاجتهم للمعرفة، فإذا استطاعت الوسيلة أن تخاطب الجمهور بشكل لائق ومناسب فإنها تستطيع أن تؤثر في أفكاره واتجاهاته، فالشخص يحبذ وسائل الإعلام التي تساعده في إشباع حاجاته سواء المادية أو المعنوية وتأخذ بعين الاعتبار السياق الثقافي والاجتماعي والسياسي للبيئة التي تتوجه لها هذه الوسائل الإعلامية، فأنت لا تستطيع أن تتوجه ببرامج تتعلق بعرض الأزياء لمجتمع من المتدينات المحجبات وتتوقع أن تؤثر فيهن مثل هذه البرامج بشكل مقبول.
الإعلام و التنشئه الاجتماعية – دكتور صالح خليل الصقور – صفحة ٢٦