نشأة هذه النظرية وتطورها : خلال العقد السابع من القرن الماضي شهدت بحوث الإعلام والاتصال الجماهيري وخاصة الإعلام والاتصال السياسي نقطة تحول واضحة حيث يصف لنا الباحث الإعلامي: «شاي» انه خلال الثمانينات من القرن الماضـي بـدأت عملية التحـول مـن النموذج الإقناعي إلى النموذج الصحفي حيـث أن النموذج الإقناعي يسعى لتقييم ممارسات وسائل الاتصال والإعـلام علـى أسـاس فعاليتها في تهيئة الجماهير وتحريكها، بينما النموذج الصحفي يسعى إلى التأكيد على دور وسائل الإعلام كأدوات لتزويد الجمهور بالمعلومات اللازمة لهم في عقـد مفهوم اختباراتهم حول الشؤون والقضايا العامة حيث استلزمت هذه النظرة الجديدة جيلاً جديداً من الباحثين الذين جمعوا ما بين الخبرة في حقل الدراسات الاجتماعية والنفسية والسياسية إلى جانب انخراطهم في حقل العمل الصحفي وهـؤلاء تبلورت لديهم فكرة قيام وسائل الإعلام بدور رئيسي في تزويد الجمهور بالمعلومات لا في إقناعهم ومن هنا بدأ تركيز هؤلاء الباحثين على دراسة تأثيرات وسائل الإعلام على المستوى المعري أكثر من التأثير على الاتجاه وينطلق مفهـوم هـذه النظرية تحت بنـد
كتاب نظريات الإعلام الدكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة صفحة ٩١
الأجندات وبذلك أطلق عليها الباحثون نظرية الأولويات والأجندات. لماذا جاءت هـذه النظرية تحت هذا المسمى؟ أستعير اسم هذه النظرية من فكرة جدول الأعمال الذي يبحث في اللقاءات والاجتماعات والذي يطلق عليه أجندة، وان فكرة هذه النظرية تقول أنه مثلما يحدد جدول الأعمال في أي لقاء تترتب المواضيع التي سوف تناقش بناء على أهميتها أي أن تقـوم وسائل الإعلام بالوظيفة نفسها أي لهـا جـدول أعمالها الخاص وأجندتها، إن جدول أعمال وسائل الإعلام هو ما تبثه من برامج وما تعرضه من مواضيع حتى تبدو للجمهور أن هذه البرامج أو هذه المواضيع والأفكار أهـم مـن غيرها وأولى بالاهتمام من منطلق أن نظرية تحديد الأولويات وفلسفتها تنطلق أو تلتقـي مـع القـول المشهور لأحد علماء الاتصال وهـو أنه مهم جداً لدرجة أنه حاضر دائماً في وسائل الإعلام والآخر تافه للحد الذي لا يرى إلا نادراً في وسائل الإعلام. وتنبثق هذه النظرية في أساسياتها مـن قـدرة وسائل الإعلام الإخبارية على إبراز أهمية القضايا السياسية وتشكيلها بذهن الجمهور وبشكل مبسط تقترح النظرية أن لوسائل الإعلام دوراً في انتقاء وتسليط الضوء على بعض الأحـداث أو الشخصيات أو القضايا المعينة وعبر تكرار هذه العمليـة ومـن واقع الإنسان بين ما تقدمـه وسـائل الإعلام يبـدأ الجمهور في تبني الأجندة التي تطرحهـا هـذه الوسائل الإخبارية بما يقوده للتصديق والإقناع الفعلي بأهمية بروز هذه الأحداث والشخصيات والقضايا دون غيرها.
الإطار النظري لنظرية الأولويات:
لقد توصل الباحثون إلى أدلة تدعم أركان فرضية نظرية الأولويات والأجندة ففي دراسة أعدها الباحث «ماكومبس» و «شو» حيث انطلق هذا الفـرض مـن خـلال تدبر معامل الارتباط للربط بين حجم التغطية الخبرية للقضايا وترتيب هذه القضايا ذاتها لدى الفئة المترددة من الناخبين بنحو 0.98، ومنذ ذلك الوقت ازدادت البحـوث
كتاب نظريات الإعلام الدكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة صفحة ٩٢
المؤيدة لهذه النظرية حيث تشير المصادر إلى أن كل من «ديرنج وروجرز» قدما قائمة بنحو مائة دراسة لدعم فرضية نظرية الأجندة.
وقـد دعمـت هـذه الدراسات والأبحاث الفكرة القويـة علـى وجـود علاقة للارتباط السببي بين بـروز الخبر بوسائل الإعلام وبـروزه لدى الجمهور، وفي هذا الصدد فقد توصل كل من «فونكها وزر، ومالكوين وكومبس» إلى عدم اعتماد وسائل الإعلام في تغطيتها الخبرية للقضايا العامة كحرب فيتنام ومشكلة المخدرات من خلال مؤشرات مستمدة من الواقع الحقيقي بقدر ما سعت لإبراز لبعض القضايا حتى وإن كانت في الحقيقـة أقـل جديـة وأهميـة والأغـرب مـن ذلـك هـو أن اعتقـاد الجمهور بأهمية هذه القضايا غالبـاً مـا يتفق أو يتسق مع طريقة تغطيتها الخبرية أكثر من قيامه بالاعتماد على مؤشرات حقيقية.
الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية :
من خلال النظر إلى الدراسات التي تناولت أبرز الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية نرى أنها تمثلت في الآتي
فقد اعتمد الباحثون المؤيدون لهذه النظرية أي الأجندة الإعلامية على مكونات سطحية ظاهرية ففي تحديدهم لأهم القصص الخبرية التي يقدمها الإعلام في تغطيته، لجـأ الباحثون إلى حـصـر عـدد القصص المتناولة لقضية مـا واعتبـاره مقياساً لتحديد أجندة وسائل الإعلام حول هذه القضية.
ومن جهة أخرى لخص بعض الباحثين أهـم مقاييس تحليل المحتوى بشأن بـروز القصة الإخبارية على الشكل التالي: موضوع القصة، العناوين الصور، حجم العمود ، أشرطة الفيديو والمثيرات البصرية الثابتة بالنسبة للإعلام المرئي أو التلفزيوني فكل ذلك لا يمثل سوى مثيرات وعلامات غيرذات علاقة بالمحتوى الخبري.
كتاب نظريات الإعلام الدكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة صفحة ٩٣
۲- الاعتماد علـى المكونات السطحية الظاهريـة : أي تحديـدهـم لأهـم
القصص الخبرية التي يقدمها الإعلام في تغطيته، حيث لجأ الباحثون إلى حصر عدد القصص المتداولة للقضية المتناولة واعتباره مقياساً لتحديد أجندة وسائل الإعلام حول القضية، إن هذا التأثير السطحي الثانوي لوضع الأجندة الإعلامية إلى أجندة الجمهور قسم القضايا إلى:
1. القضايا المتطفلة : القضايا ذات العلاقة المباشرة بخبرات الفرد.
۲. القضايا اللامتطفلة : أي البعيدة عن الاحتكاك بخبرة الفرد اليومية المباشرة.
٣. إن تأثيرات نظرية الأجندة هي تأثيرات قصيرة الأجل.
٤. نخلص في النهاية إلى أن تأثيرات وسائل الإعلام على الجمهور على ضوء نظرية الأجندة وترتيب الأولويات يتم من خلال اختصار الحصيلة المعرفية للجمهور على مسائل محددة لا تعدو في الغالب البرامج الرياضية والترفيهية والمواضيع العاطفية مثلاً، كما انها تقدم للجمهـور قـدوات مميزة من عناصر المجتمع الهامشية وغير المنتجة.
إن إدمان الجمهور على استهلاك المواد الإعلامية التي تعقدها وسائل الإعلام على أساس أجندتها يؤدي إلى مشكلة وإلى حدوث تأثير بما يشمل على تلك المواد من قيم وأنماط وحياة سلوك وهذا وجه آخر للتأثير التراكمي لوسائل الإعلام.
إيجابيات هذه النظرية :
اعتبر العلماء أن نظرية الاعتماد أو الأجنـدة مـن النظريات المتعلقة بجمهـور وسائل الإعلام أي أنهـا ترتبط بسلوك فئـة مـن الجمهـور كطلبة المدارس أي انهـا تحاول وتركز بالذات على السؤال التالي:
لماذا يتابع الجمهور وسائل الإعلام؟ أي ما هو الهدف الذي تريد تحقيقه؟ إن نظرية الاعتماد أو الأجندة تمكـن مـن معرفة طلبة الجامعات الحصول
كتاب نظريات الإعلام الدكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة صفحة ٩٤
في عمليات البحث العلمي لاحتوائها على كثير من المعلومات والمعارف المتنوعة مما يجعل الجمهور يعتمد على الإنترنت كلياً أو جزئياً.
كتاب نظريات الإعلام الدكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة صفحة ٩٥