– نظرية السلطة
ظهرت هذه النظرية في انجلترا في القرن السادس عشر، وتعتمد على نظريات
أفلاطون ومكيافيللي، وترى أن الشعب غير جدير بأن يتحمل المسؤولية أو السلطة، فهي ملك للحاكم أو السلطة التي يشكلها. وتعمل هذه النظرية على الدفاع عن السلطة، ويتم احتكـار تـصاريح وسائل الإعلام، حيث تقوم الحكومة على مراقبة ما يتم نشره، كما يحظر على وسائل الإعلام
نقد السلطة الحاكمة والوزراء وموظفي الحكومة، وعلى الرغم مـن الـسماح للقطاع الخاص بإصدار المجلات إلا أنه ينبغي أن تظـل وسـائل الإعلام خاضعة للسلطة الحاكمة. وتمثل تجربة هتلر وفرانكو تجربة أوروبية معاصرة، في ظل هذه النظرية، وقد عبر هتلر عن رؤيته الأساسية للصحافة بقوله:
صفحة ١١٩ – أستاذ الدكتور عبد الرزاق الدليمي – كتاب مدخل إلى وسائل الإعلام الجديد
إنه ليس من عمل الصحافة أن تنشر على الناس اختلاف الآراء بين أعـضـاء
الحكومة، لقد تخلصنا من مفهوم الحرية السياسية الذي يذهب إلى القول بأن لكل فرد الحق في أن يقول ما يشاء. ومن الأفكار المهمة في هذه النظرية أن الشخص الذي يعمل في الصحافة أو وسائل الإعلام الجماهيرية، يعمل بها كامتياز منحه إيـاه الـزعيم الوطني، ويتعين أن يكون ملتزما أمام الحكومة والزعامة الوطنية.
– نظرية الحرية
ظهرت في بريطانيا عام 1688م ثم انتشرت في أوروبا وأمريكا، وتـرى هـذه
النظرية أن الفرد يجب أن يكون حراً في نشر ما يعتقد أنه صحيح عبر وسائل الإعلام، وترفض هذه النظرية الرقابة أو مصادرة الفكر.
أهداف نظرية الحرية تحقيق اكبر قدر من الربح المادي من خلال الإعـلان
والترفيه والدعاية، لكن الهدف الأساسي لوجودهـا هـو مراقبة الحكومة وأنشطتها المختلفة من أجل كشف العيوب والفساد وغيرها من الأمور، كمـا أنـه لا يمكـن بـاي حال من الأحوال أن تمتلك الحكومة وسائل الإعلام، أمـا كيفيـة إشـراف وسـائل الإعلام في ظل نظرية الحرية فيتم من خلال عملية التصحيح الذاتي للحقيقة في سوق حرة، بواسطة المحاكمة.
وترى هذه النظرية أن وسائل الإعلام وسيلة تراقب أعمال وممارسات أصحاب
النفوذ والقوة في المجتمع، وتدعو هذه النظرية إلى فتح المجال لتداول المعلومات بين الناس بدون قيود من خلال جمع ونشر وإذاعة هذه المعلومات عبر وسائل الإعلام، كحق مشروع للجميع.
نظرية المسؤولية الاجتماعية
بعد أن تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات، كان لابد من ظهور نظرية
جديدة في الساحة الإعلامية، فبعـد الحرب العالمية الثانية ظهرت نظرية المسؤولية
صفحة ١٢٠ – أستاذ الدكتور عبد الرزاق الدليمي – كتاب مدخل إلى وسائل الإعلام الجديد
الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم هذه النظرية على ممارسة العمليـة الإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية، وظهرت القواعـد والقوانين التي تجعل الرأي العام رقيبا على آداب المهنة، ويرى أصحاب هذه النظرية أن الحريـة حـق وواجب ومسؤولية في نفس الوقت، ومن هنا يجب أن تقبـل وسـائل الإعلام القيـام بالتزامات معينة تجاه المجتمع، وتهدف هذه النظرية إلى رفع مستوى التصادم إلى مستوى النقاش الموضوعي البعيد عن الانفعال، كما تهدف هذه النظرية إلى الإعلام والترفيـه والحصول على الربح، إلى جانب الأهداف الاجتماعية الأخرى. ويحظر على وسائل الإعلام نشر أو عرض ما يساعد على الجريمة أو العنف أو ماله تأثير سلبي على الأقليات في أي مجتمع، كما يحظر على وسائل الإعلام التدخل في حياة الأفراد الخاصة؛ وبإمكان القطاع العام والخاص أن يمتلكا وسائل الإعلام في ظل هذه النظرية، ولكنها تشجع القطاع الخاص على امتلاك وسائل الإعلام.
النظرية الشيوعية (الاشتراكية)
إن الأفكار الرئيسية لهذه النظرية التي وضع أساسـهـا مـاركس وأنجلـز، ووضع قواعد تطبيقها لينين وستالين، في الاتحاد السوفيتي السابق، ومـا تـزال تطبـق في بعـض البلدان مثل كوريا الشمالية والصين وكوبا وغيرها، يمكن إيجازها في أن الطبقة العاملة التي تمتلك السلطة في أي مجتمع اشتراكي، وحتى تحتفظ هذه الطبقة بالسلطة والقوة فإنها لابد أن تسيطر على وسائل الإنتاج الفكري الـتي يـشكل الإعلام الجـزء الأكبر منها، لهذا يجب أن تخضع وسائل الإعلام لسيطرة وكلاء لهذه الطبقة العاملة، وهم في الأساس أعضاء الحزب الشيوعي.
إن المجتمعات الاشتراكية تفترض أنها مجتمعات لا طبقية، وبالتالي لا وجـود
لصراع للطبقات، لذلك لا ينبغي أن تنشأ وسائل الإعلام على أساس التعبير عـن مصالح متعارضة حتى لا ينفذ الخلاف، ويشكل خطورة على المجتمع.
صفحة ١٢١ – أستاذ الدكتور عبد الرزاق الدليمي – كتاب مدخل إلى وسائل الإعلام الجديد
النظرية التنموية التالية
نظرا لاختلاف ظروف العالم النامي، وبخاصة الدول التي ظهرت للوجـود في
منتصف القرن العشرين، والتي تختلف عن الدول المتقدمة من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية، كان لابد لهذه الدول من نموذج إعلامي يختلف عن النظريات التقليدية الأربع ويناسب هذا النموذج أو النظرية أو الأوضاع القائمة في المجتمعات النامية، وتتلخص أفكار هذه النظرية في النقاط التالية:
ا. إن وسائل الإعلام يجب أن تقبل تنفيذ المهام التنموية بما يتفق مع السياسة الوطنية القائمة.
ب. إن حرية وسائل الإعلام ينبغي أن تخضع للقيود التي تفرضها الأولويات التنموية والاحتياجات الاقتصادية للمجتمع.
ج. يجب أن تعطي وسائل الإعلام أولوية للثقافة الوطنية واللغة الوطنية في محتوى ما تقدمه.
د. إن وسائل الإعلام مدعوة في إعطاء أولوية فيما تقدمه من أفكار ومعلومات لتلك الدول النامية الأخرى القريبة جغرافيا وسياسيا وثقافيا.
ه. إن الصحفيين والإعلاميين في وسائل الاتصال لهـم الحرية في جمع وتوزيع
المعلومات والأخبار.
و. إن للدولة الحق في مراقبة وتنفيذ أنشطة وسائل الإعلام واستخدام الرقابـة خـدمـة للأهداف التنموية.
نظرية المشاركة الديمقراطية
تعد هذه النظرية أحدث إضافة لنظريات الإعلام وأصعبها تحديداً، فقـد بـرزت
هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه إيجابي نحو ضرورة وجود أشكال جديدة في تنظیم وسائل الإعلام، فالنظرية قامت كرد فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاري
صفحة ١٢٢ – أستاذ الدكتور عبد الرزاق الدليمي – كتاب مدخل إلى وسائل الإعلام الجديد
لوسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة، كما أن هذه النظرية قامـت رداً على مركزية مؤسسات الإذاعة العامة، التي قامت على معيار المسؤولية الاجتماعية، وتنتشر بشكل خاص في الدول الرأسمالية.
وتتلخص الأفكار الأساسية لهذه النظرية في النقاط التالية:
1. إن للمواطن الفرد والجماعات والأقليـات حـق الوصـول إلى وسائل الإعـلام
واستخدامها ولهم الحق كذلك في أن تخدمهم وسائل الإعلام طبقا للاحتياجـات التي يحددونها.
2. إن تنظيم وسائل الإعلام ومحتواها لا ينبغي أن يكون خاضعا للسيطرة المركزية القومية.
3. إن سبب وجود وسائل الإعلام أصـلا هـو لخدمة جمهورهـا ولـيس مـن أجـل
المنظمات التي تصدرها هذه الوسائل أو المهنيين العاملين بوسائل الإعلام.
4. إن الجماعات والمنظمات والتجمعات المحليـة ينبغي أن تكـون لهـا وسـائلها
الإعلامية.
5. إن وسائل الإعلام صغيرة الحجـم والـتي تتسم بالتفاعـل والمشاركة أفـضـل مـن وسائل الإعلام المهنية الضخمة التي ينساب مضمونها في اتجاه واحد.
6. إن الاتصال أهم من أن يترك للإعلاميين أو الصحفيين.
وهناك محاولات لبلورة نظرية إعلامية إسلامية وهي في طور الانجاز.
صفحة ١٢٣ – أستاذ الدكتور عبد الرزاق الدليمي – كتاب مدخل إلى وسائل الإعلام الجديد