ويؤكد كلابر أن قوة وسائل الإعلام ينبغي النظر إليها دوما عن طريق العمليات الإنتقائية، والتي تمثل عوامل وسيطة في عملية الإتصال، وتحد من تأثيرها في الوقت ذاته، وتتمثل بالآتي:
1. التعرض الإنتقائي: ويتمثل بإنتقاء الناس لما يقرأون أو يستمعون أو يشاهدون،إذ يميل الناس للتعرض للرسائل التي تتوافق مع ميولهم واتجاهاتهم واهتماماتهم ويتجنبون تلك الرسائل التي لا تخاطب هذه الاتجاهات والاهتمامات، أو تولد تنافرا في نظامهم المعري.
2 التصور والتفسير الإنتقائي: ويتمثل بتصور الناس وتفسيرهم للرسائل وفقا لذواتهم ومصالحهم. إذ إن الرسالة الإعلامية محكومة بماذا يريد أن يتصور الفرد أو يدركه؟ أو ما فائدة الرسالة الإعلامية له؟ أو ما توقعاته للجزاء الإجتماعي أو المادي نتيجة لتصوراته وإدراكه؟.
3 التذكر الإنتقائي: يرتبط التذكر بالعملية السابقة فالمرء يتذكر ما يتصوره ويدركه أو يحب تصوره، أكثر من تذكره ما لا يحبه. .. ولذا فإن كلابر يرى أن وسائل الإعلام لا تعمل ـ بالضرورة ـ كسبب للتأثير على الجمهور، ولكنها تعمل عن طريق عوامل ومؤثرات وسيطة مترابطة. هذه العوامل تجعل وسائل الإعلام عاملا مساعدا في التأثير وليست السبب الوحيد فيه. ونجد أن هذه العمليات الإنتقائية أو ما يسمى بالعوامل الوسيطة، تتحدد على وفق البناء المعري ـ النفسي والإجتماعي للفرد، فتأتي إستجابة الفرد متأثرة بهذه العمليات الوسيطة.
فاختلاف البنى المعرفية للأفراد يؤدي إلى نشوء أنماط مختلفة من الإنتباه لمضامين الإعلام، كما أن إنتماء فئات معينة من الجمهور إلى ثقافات تحتية أو فرعية خاصة، تجعلهم يعطون تفسيرات متباينة لمضامين إعلامية معينة، أي أنهم يحولون ويشكلون المعنى بما يتلاءم مع استعداداتهم وقيمهم، حتى أنهم أحيانا يبدلون تماما معنى الرسالة الإتصالية؛
الدكتور رواء هادي الدهان – كتاب وسائل الإعلام و مستويات الثقة – صفحة ٦٤