الإعلان السياسي هو:«كل إعلان مدفوع الثمن وذي صبغة سياسية»،
أوهو: «عملية اتصال يدفع فيها المصدر ثمناً مقابل ما يتاح له من فرصة
في وسيلة إعلامية يعرض فيها على الجماهير رسائل سياسية ذات هدف
محدد ومقصود من أجل التأثير على أفكارهم ومواقفهم وسلوكهم»(۲
يتبين من هذين التعريفين أن مصدر الإعلان السياسي جهة مستفيدة
من المبلغ المالي الذي تدفعه للوسيلة الإعلامية، وهذه الجهة قد
تكون حزباً، أو جماعة، أو مرشحاً سياسياً، أو حكومة، أو غير ذلك من
المصادر.
هذه المصادر تدفع ثمناً لشرائها فترة معينة من البث الإذاعي
أو التلفزيوني، أو مساحة محددة في الصحيفة؛ من أجل إيصال
رسالتها السياسية إلى الجمهور حتى تُحدث الأثر المقصود من هذه
الرسالة (٢).
والأيديولوجيا التي يتضمنها الإعلان السياسي تكمن في الرسالة الموجهة
إلى الجمهور بقصد التأثير فيه، إذ لا يتصور أن تقوم هذه المصادر بدفع
مبالغ مالية للوسيلة الإعلامية دون هدف تسعى إلى تحقيقه، والهدف هو
نشر الأيديولوجيا التي يحاول مصدر الإعلان السياسي أن ينشرها ويروج
لها بقصد حمل الجماهير على الاقتناع بها.
(۱) محمد البشر، مقدمة في الاتصال السياسي، الرياض، مكتبة العبيكان، ط1، ١٤١٨هـ، ص ١٠٤.
(۲) المرجع السابق، نقلاً عن الباحثة الأمريكية ليندا كيد.
(۳) المرجع السابق، ص 105.
٥٤
كتاب ايديولوجيا الاعلام – ا. د. محمد بن سعود البشر – صفحة ٥٤
المعنى الذي يحاول تعريف الإعلان السياسي أن يوصلنا إليه هو أن
هذا النوع من الإعلانات لا يزدهر إلا في المجتمعات التي تقوم على مبدأ
المشاركة الشعبية للمواطن في العملية السياسية، ابتداء بالمشاركة
في انتخابات المجالس البلدية للمدن والمحافظات والولايات، وانتهاءً
بالانتخابات الرئاسية لاختيار رئيس الدولة أو رئيس الوزراء.
ومن البديهي أن هذه السلسلة من المشاركة الشعبية في العملية
السياسية لا تكون إلا في الدول التي تتبنى النظم الديموقراطية في
السياسة والحكم؛ أما النظم السلطوية فإن وسائل الإعلام فيها هي قناة
دائمة للإعلانات السياسية الحكومية التي تُروج لأيديولوجيا الحكومة أو
النظام السياسي.
الإعلان السياسي في النظم السلطوية يحمل أيديولوجيا الحكومة
السياسية أو الحزب الحاكم، ويصدر على شكل توجيهات حكومية
للمواطنين في قضايا سياسية وأمنية واقتصادية وغيرها، وتلتزم وسائل
الإعلام بنشرها، وخصوصاً الإذاعة والتلفزيون، ولا تستطيع وسائل
الإعلام المملوكة للقطاع الخاص أن تعارضها أو تنتقدها.
أما في النُظم الديموقراطية التي تعتمد مبدأ حرية الرأي والتعبير،
وتقوم على المشاركة السياسية للمواطنين فإن الإعلان السياسي في
مجتمعاتها يحمل أيديولوجيات متعددة ومتباينة ومتعارضة في
أحيان
كثيرة، وغاية هذه التعددية والتباين تنشط في مواسم الانتخابات
بمستوياتها المختلفة التي يشتد فيها التنافس بين مرشحين يمثلون
كتاب ايديولوجيا الاعلام – ا. د. محمد بن سعود البشر – صفحة ٥٥
مقرر الأيديولوجيا
تيارات واتجاهات مختلفة، ويتخذون من عقول الجماهير ميداناً
للمنافسة بينهم من أجل تحقيق أهداف مرسومة، غايتها التأثير في
أفراد الناخبين، ومن ثم كسب أصواتهم في العملية الانتخابية. والفوز
بصوت الناخب هو – في النهاية – انتصار للأيديولوجيا التي روج لها
المرشح وحمل الجمهور على الاقتناع بها والتصويت لها.
كتاب ايديولوجيا الاعلام – ا. د. محمد بن سعود البشر – صفحة ٥٦