ملخص عن اهم ماذكر في كتاب كوستاف لوبون (سيكولوجية الجماهير) عن الجماهير وخصائصها عندما تتجمع وكيف تفكر وتتصرف وماهي اساليب السيطرة على الجماهير وتنويمها مغناطيسيا
صفحة 28 – 29
وقد تبلورت ظاهرة الجماهير بثلاث اجوبة اساسية
اولا: الجماهير هي عبارة عن تراكم من الافراد المتجمعين بشكل مؤقت على هامش المؤسسات وضد المؤسسات القائمة بمعنى اخر فان الجماهير مؤلفة من اشخاص هامشيين وشاذين عن المجتمع وهكذا نجد ان الجمهور يتطابق بحسب هذه النظرة مع الرعاع والسواقه والاوباش انهم رجال ونساء بدون عمل محدد ومتبعدون من ساحات المجتمع الفعلية
ثانيا: الجماهير مجنونة بطبيعتها فالجماهير التي تصفق بحماسة شديدة لمطربها المفضل او لفريق كرة القدم الذي تؤيده تعيش لحظة هلوسة وجنون والجماهير التي تصطف على جانبي الطريق ساعات وساعات لكي تشهد من بعد مرور شخصية مشهورة او زعيم كبير للحظات خاطفة هي مجنونة والجماهير المهتاجة التي تهجم على شخص لكي تذبحه دون ان تتاكد من انه هو المذنب هي مجنونة ايضا فاذا احبت الجماهير دينا ما او رجلا ما تبعته حتى الموت كما يفعل اليهود مع نبيهم والمسيحيون المتعصبون وراء رهبانهم والمسلمون وراء شيوخهم والجماهير تحرق اليوم ما كانت قد تبعته بالامس وتغير افكارها كما تغير قمصانها وهذه الاعمال المتطرفه التي تقوم بها الجماهير ماهي الاضرب من اعمال الجنون التي تغذي المشاعر الغامضة وتكشف عن الجانب السري والمظلم من الطبيعة البشرية
ثالثا: واما الجواب الثالث فيزايد على الجوابين السابقين ويمشي خطوة اخرى في اتجاه التهجم على الجماهير ويقول بانها مجرمة فهي بما انها مؤلفة من الرعاع والاوغاد اي من الرجال الغاضبين والحاقدين فانها تهجم وتقتل وتسلب كل شيء انها تجسد العنف الهائج دون اي سبب او مبرر واضح وهي تعصي السلطات القائمة وتخرج على القانون
صفحة 30
الميزة الاساسية للجمهور هي انصهار افراده في روح واحدة وعاطفة مشترك تقضي على التمايزات الشخصية وتخفض من مستوى الملكات العقلية وهو يشبه ذلك بالمركب الكيماوي الناتج عن صهر عدة عناصر مختلفة فهي تذوب وتفقد خصائصها الاولى نتيجة التفاعل ومن اجل تركيب المركب الجديد
ص32 وفي الختام يمكن تلخص نظرية لوبون حول نفسية الجماهير بالاكتشافات الثلاث التالية
- الجماهير ظاهرة اجتماعية
- عملية التحريض هي التي تفسر انحلال الافراد في الجمهور وذوبانهم
- القائد المحرك يمارس عملية التتنويم المغناطيسي على الجماهير تماما كما يمارسه الطبيب على المريض
صفحة 32
ويترتب على هذه الاكتشافات الثلاث المبادئ العملية التالية
1- ان الجمهور النفسي يختلف عن التجمع العادي او العفوي للبشر في ساحة عامة مثلا او على موقف باص فالجمهور النفسي يمتلك وحدة ذهنية على عكس هذه التجمعات غير المقصودة
2- الفرد يتحرك بشكل واع ومقصود اما الجمهور فيتحرك بشكل لا واع ذلك ان الوعي فردي تحديدا اما الاوعي فهو جماعي
3- الجماهير محافظة بطبيعتها على الرغم من تظاهراتها الثورية فهي تعيد في نهاية المطاف ما كانت قد قلبته او دمرته ذلك ان الماضي اقوى لديها من الحاضر بكثير تماما كاي شخص منوم مغناطيسيا
أيا كانت ثقافتها او عقديتها او مكانتها الاجتماعي بحاجة لان تخضع لقيادة محرك وهو لايقنعها بالمحاجات العقلانية والمنطقية وانما يفرض نفسه عليها بواسطة القوة كما ان يجذبها ويسحرها بواسطة هيبته الشخصية تماما كما يفعل الطبيب الذي ينوم المريض مغناطيسيا
صفحة 56
والظاهرة التي تدهشنا اكثر في الجمهور النفسي هي التالية ايا تكن نوعية الافراد الذين يشكلونة وايا يكن نمط حياتهم متشابها او مختلفا وكذلك اهتماماتهم ومزاجهم او ذكاؤهم فان مجرد تحولهم الى جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماعية وهذه الروح تجعلهم يحسون ويفكرون ويتحركون بطريقة مختلفة تماما عن الطريقة التي كان سيحس بها ويفكر ويتحرك كل فرد منهم لو كان معزولا وبعض الافكار والعواطف لاتنبثق او لا تتحول الى فعل الا لدى الافراد المنطوين في صفوف الجمهور ان الجمهور النفسي هو عبارة عن كائن مؤقت مؤلف من عناصر متنافرة ولكنهم متراصو الصفوف للحظة من الزمن انهم يشبهون بالضبط خلايا الجسد الحي التي تشكل عن طريق تجمعها وتوحدها كائنا جديدا يتحلى بخصائص جديدة مختلفة جدا عن الخصائص التي تملكها كل خلية
صفحة 60
اذن اليكم الان مجموع الخصائص الاساسية للفرد المنخرط في الجمهور :
1- تلاشي الشخصية الواعية
2- هيمنة الشخصية اللاواعية
3- توجه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض والعدوى للعواطف والافكار
4- الميل لتحويل الافكار المحرض عليها الى فعل وممارسة مباشرة
وهكذا لايعود الفرد هو نفسة وانما يصبح عبارة عن انسان الى ماعادت ارادته قادرة على ان تقوده
وهذا يعني انه بمجرد ان ينضوي الفرد داخل صفوف الجمهور فانه ينزل درجات عديدة في سلم الحضارة فهو عندما يكون فردا معزولا ربما يكون انسانا مثقفا متعقلا ولكنه ما ان نيظم الى الجمهور حتى يصبح منقادا بغريزته وبالتالي همجيا وهو عندئذ يتصف بعفوية الكائنات البدائية وعنفها وضراوتها وحماستها وبطولاتها ايضا ويقترب منها اكثر بالسهولة التي يترك نفسة فيها عرضة للتاثر بالكلمات والصور التي تقوده الى اقتراف اعمال مخالفة لمصلاحة الشخصية بشكل واضح وصريح ان الفرد المنخرط في الجمهور هو عبارة عن حبة رمل وسط الحبات الرملية الاخرى التي تذروها الرياح على هواها
صفحة 61
لنلخص كل الملاحظات السابقة قائلين بان الجمهور هو دائما ادنى مرتبة من الانسان المفرد فيما يخص الناحية العقلية والفكرية ولكن من وجهة نظر العواطف والاعمال التي تثيرها هذه العواطف فانه يمكن لهذا الجمهور ان يسير نحو الافضل او نحو الاسوء وكل شيء يعتمد على الطريقة التي يتم تحريضه او تحريكه بها وهذه هي النقطة التي جهلها الكتاب الذين لم يدرسوا الجماهير من وجهة النظر الجرائمية صحيح ان الجماهير غالبا ماتكون مجرمة ولكنها غالبا ماتكون ايضا بطلة فمن السهل اقتيادهم الى المذبحة والقتل باسم النضال من اجل انتصار عقيدة ايمانية او فكرة ما ومن السهل تحريكهم وبث الحماسة في مفاصلهم من اجل الدفاع عن المجد والشرف وبالامكان تجييشهم واقتيادهم بدون خبز وبدون سلاح تقريبا
صفحة 63
الخصائص الاساسية التي يسهل ملاحظتها عند الجماهير
1- سرعة انفعال الجماهير وخفتها ونزقها
2- سرعة تاثر الجماهير وسذاجتها وتصديقها لاي شيء
3- عواطف الجماهير تضخيمها وتبسيطها
4- تعب الجماهير واستبداديتها ونزعتها المحافظة
صفحة 75
وبما انه لايمكن تحريك الجماهير والتاثير عليها الا بواسطة العواطف المتطرفة فان الخطيب الذي يريد جذبها ينبغي ان يستخدم الشعارات العنفية ينبغي عليه ان يبالغ في كلامة ويؤكد بشكل جازم ويكرر دون ان يحاول اثبات اي شيء عن طريق المحاجة العقلانية وهذه هي الطريقة التي يستخدمها الخطباء في الملتقيات الشعبية
صفحة 85
واذا كان يلزم وقت طويل لكي تترسخ الافكار في نفسوس الجماهير فانه يلزم وقت لايقل عنه طولا لكي تخرج منها وهكذا نجد من وجهة النظر الفكرية ان الجماهير متاخرة عن العلماء والفلاسفة بعدة اجيال وككل رجالات الدولة السياسيين يعرفون اليوم ما الذي تشتمل عليه الافكار الساسية المذكورة انفا من اخطاء ولكن بما ان تاثيرها على النفوس لايزال قويا حتى الان فانهم مضطرون للحكم بموجبها على الرغم من انهم انفكوا عن الاقتناع بحقيقتها
صفحة 88
ولهذا السبب نجد ان رجالات الدولة الكبار في كل العصور وفي كل البدلان بما فيها الاكثر استبدادا قد اعتبروا الخيال الشعبي بمثابة اكبر دعم لسلطاتهم فهم لم يحاولوا ابدا ان يحكموا ضده قال نابليون بهذا الصدد الكلام العميق التالي في مجلس الدولة الفرنسي
لم استطع انهاء حرب الفاندي الابعد ان تظاهرت باني كاثوليكي حقيقي ولم استطع الاستقرار في مصر الا بعد ان تظاهرت باني مسلم تقي وعندما تظاهرت باني بابوي متطرف استطعت ان اكسب ثقة الكهنة في ايطاليا ولو انه اتيح لي ان احكم شعبا من اليهود لاعدت من جديد معبد سليمان
صفحة 89
نستنتج من ذلك اذن انه ليست الوقائع بحد ذاتها هي التي تؤثر وينبغي على هذه الاحداث عن طريق التكثيف اذا جاز التعبير ان تولد صورة مؤثرة واخاذة تملاء الروح كالهوس ان معرفة فن التاثير على مخيلة الجماهير تعني معرفة فن حكمها
صفحة 92-93
فوستيل دو كولانج قال ان الامبراطورية الرومانية لم تستمر على قيد الحياة بواسطة القوة وانما بواسطة الاعجاب الديني الذي تلهمه للناس يقول بحق وسوف يكون من غير المعقول ان يستمر نظام سياسي ما مدة خمسة قرون وهو مكروه من قبل الشعب هذا شيء لاسابقة له في تاريخ العالم ولا نستطيع ان نفهم كيف يمكن لثلاثين فوجا عسكريا في الامبراطورية ان تهيمن على مائة مليون وتجبرهم على الطاعة فاذا كانوا يخضعون ويطيعون فذلك لان الامبراطور الذي يجد العظمة الرومانية كان معبودا من قبل الشعب كله ففي اصغر قرية من قرى الامبراطورية كانت له هياكل ثم يقول الكاتب المذكورمردفا وقد شهدنا في ذلك الزمن انبثاق دين جديد في النفوس في طول الامبراطورية وعرضها وكانت الهة هذا الدين الاباطرة انفسهم
صفحة 114
فالتعليم الذي يقدم لشبيبة بلد ما يتيح لنا ان نستشرف قليلا مصير هذا البلد ومستقبله وتربية الجيل الحالي تبرر كل التوقعات والمخاوف السوداء فمع التعليم والتربية تتحسن روح الجماهير او تفسد فهما مسؤولان عن ذلك جزئيا وبالتالي فقد كان من الضروري تبيان كيف ان النظام الحالي قد شكل وعيها وعقليتها وكيف ان اغلبية الامبالين والحياديين قد اصبحت تدريجا جيشا هائلا من الناقمين المستعدين لاتباع كل تحريضات الطوباويين وخطباء البلاغة والكلام
صفحة 133
ولكن الاعلان لايكتسب تاثيرا فعليا الا بشرط تكراره باستمرار وبنفس الكلمات والصياغات ما امكن لذلك كان نابليون يقول بانه لايوجد الا شكل واحد جاد من اشكال البلاغة هو التكرار فالشيء المؤكد يصل عن طريق التكرار الى الرسوخ في النفوس الى درجة انه يقبل كحقيقة برهانية
صفحة 158
انواع الجماهير
1- الجماهير غير المتجانسة
2- جماهير مغفلة كجماهير الشارع مثلا
3- جماهير غير مغفلة كهيئات المحلفين والمجالس البرلمانية
جماهير متجانسة
1- الطوائف: الطوائف السياسية والطوائف الدينة
2- الزمر: زمرة عسكرية زمرة كهنوتية زمرة عمالية
3- الطبقات: الطبقة البورجوازية الطبقة الفلاحية
كتاب سيكولوجية الجماهير, كوستاف لوبون, الطبعة الثالثة, دار الساقي
قام بإعادة تدوين هذه على مصر هبة النيل.