يمكن القول، إن وسائل الاتصال أصبحت أدوات اجتماعية بسبب مـا تكرسه من عادات واتجاهات، وما تحمله من مضامين فكرية واجتماعية جديدة تلح على التغيير واستنباط طرق وأساليب جديدة في العيش وأنماط السلوك والتغير الاجتماعي، ولكن الضرورة تقتضي تـوافر الجهـات القـادرة على مراقبـة هـذا التغير وتأثيراتـه الاجتماعية من أجل حصرها وتوظيفها في المسارات الإيجابية الفاعلـة القـادرة دائماً على أن تشكل رافعة للنهوض بالمجتمع وليس النكوص عن أهداف هذا المجتمع وذلك لضخامة تأثيرات العملية الإعلامية الاجتماعية، وعـدم القدرة أحياناً عـلـى ضـبط نتائجها، وخاصة في المجالات الثقافية والاجتماعية والقيميـة الـتي تستطيع وسائل الإعلام تعريضها باستمرار للاهتزاز والصدمات. ومثلما يدعم الإعلام القيم السائدة في المجتمع، ويسعى إلى تثبيتها، فإنه يطالـب أيضاً بالمساعدة على خلخلة القيم السلبية التي تعتبر معوقاً أساسياً للنهوض والتقـدم ومن أسس نجاح العملية الإعلامية أن تبنى على سياسات إعلامية واضحة، وتكون لها استراتيجية واضحة، خاصة فيما يتعلق بمواجهة الشأن الاجتماعي، مـن أجـل ضـمان التغير الاجتماعي الذي يؤدي فيه الإعلام دوراً محورياً بما يمتلكه مـن أساليب مـؤثرة ووسائل متعددة، ورسائل اتصالية قادرة على النفاذ والتأثير إذا مـا أجيـد تـصميمها بحيث تحمل الفكرة السليمة في الوقت المناسب من أجل الفوز بالنتيجة المتوخـاة الـتي تتطلب جهداً ناجحاً في التوصيل وجهداً آخر في التقويم والمتابعة.
كتاب الاتصال وقضايا المجتمع – استاذ دكتور تيسير ابو عرجة – صفحة ٤٠
ومن أوجه النقد التي توجه إلى وسائل الإعلام، ما يعتقده الباحثون من أن هـذه الوسائل تستطيع إلى حد معين أن تتسبب في الاغتراب الثقافي والتنميط الاجتماعي، وإلى أي حد يمكن استخدامها كأدوات لتزييف وعي المجتمع. ومن لقد خضعت قضية الإعلام وتزييف الوعي للعديد من الدراسات والبحـوث بهدف کشف خطورتها وتأثيراتها السلبية على مجمل حياة المجتمع وقضاياه الحيوية، ذلك ما قدمه (عبد الباسط عبد المعطي) في دارسـة أشـار فيهـا إلى بعـض نمـاذج تزييف الوعي التي استخدمت وما تزال تستخدم في المجتمعات الإنسانية، وهي نموذج تزييف الوعي الذي يتمثل في الضغط بوسائل عـدة على أعضاء المجتمع، لإقناعهم بان مشكلاتهم تنتج عن أسباب أخـرى غير أسبابها الحقيقية، وذلـك لجذب إدراك المضطهدين بعيداً ومن الأمثلة على ذلك الإيعاز للعمال المتعطلين بـأن بطـالتهم ترجع إلى قدراتهم ومسلكهم الشخصي، لا إلى طبيعـة النظـام الاقتصادي، وأيضاً إيهام الناس بأن مشكلاتهم ترجع إلى الانفجار السكاني وزيادة المواليد لا إلى سوء التخطيط وخلل التوزيع.
النموذج الذي يتمثل في الضغط على أعضاء المجتمع بأن ما حدث حتمي و ولا مفر منه وليس له بديل، وأنه لا يقبل التغيير، ومن ا الأمثلة على ذلك إقناع النساء بعـدم خروجهن إلى العمل أفضل لهن.
– النموذج الذي يركز على إقناع الناس بأن نتائج أي تغيير في الوضع أو الظـروف سوف تكون أسوأ مما هو قائم وتستخدم في هـذا تكنيكـات كثيرة، منهـا عـرض التجارب الأليمة للشعوب الأخرى التي تعيش في ظروف مغايرة.
– النموذج الذي يتمثل في الحيلولة دون تقييم النـاس لأوضاعهم أو أحـوالهم، بمقارنتها دوماً بأوضاع أسوأ، أو بخبرات سابقة أكثر ألماً.
كتاب الاتصال وقضايا المجتمع – استاذ دكتور تيسير ابو عرجة – صفحة ٤١