وتعتمد الإدارة الأمريكية على إحداث الصدمة الاعلامية في الرأي العام الأمريكي عندما تجد نفسها مضطرة إلى تدخل عسكرى خارجي أو إلى ممارسة ضغوط سياسية مكثفة على دولة أو شعب آخر في مكان ما من العالم.
فـأمام أزمة التدخل في حرب الخليج الثانية ركزت إدارة الرئيس بوش حملة إعلامية مكثفة ومضخمة لتحريك الرأى العام الأمريكي لكسب دعمه وتأييده ، وأعيد استخدام الصدمة الاعلامية الأمريكية لتغطية التدخل العسكري الأمريكي في الصومال تحت ستار المساعدات الانسانية ، ومؤخراً في التدخل العسكري في هاييتي تحت عنوان إعادة الديموقراطية والاعتماد على الصورة في التلفزة الأمريكية لإحداث الصدمة الاعلامية المحركة يدخل في إطار السياسة العامة لتجييش الرأي العام، وهذا الأمر يظهر بوضوح وصراحة من خلال تصريح أنطوني لايك المستشار السابق للرئيس كلينتون لشئون الأمن القومي لصحيفة وول ستريت جورنال في أول نوفمبر
۱۹۹٣، حيث قال : إذا كنا لا نملك القدرة على تأمينالصور بسرعة فلن نستطيع أن نشرح للكونجرس وللشعب الأمريكي أين هي مصالحنا ومهماتنا ، وعندها سوف نعجز عن السيطرة على الوضع … هذا الأسلوب الإعلامي في الإثارة والتدجين في آن واحـد يـخـدم المصالح الحـيـوية لرجال الأعـمـال والشركـات
كتاب طوفان ما بعد العولمة صناعة الإعلام و تحول السلطة – دكتور خالد محمد غازي – صفحة ١٠٨
العملاقة، بينما الشعب الأمريكي لا يكترث بالسياسة أو بما يجري في العالم لأنه مجتمع قروى تغلب عليه الانطوائية، ولا يهتم إلا بشؤونه الذاتية ولا يعنيه ما يجرى بالقرب منه. ثم أنه شعب مبرمج على عادات وتقاليد معينة « الشراء بالبطاقـة أوالمراسلة والتـأمـين على كل شيء » منهـمك في عـمـله ، يجـد في اعلانات التلفزة كل ما يحتاجه .. وبالتالي فهو شعب غيـر مسيس، فالحزبان المتنافسان الديموقراطي والجـمهـورى ليسـا حزبين عقائديين بمقدار ما هـما مؤسستان تابعتان لرجـال الأعمال، يتبادل النفوذ عليهما المؤسسة الصناعية العسكرية – والشركات مـتعـددة الجنسيـة ، لذلك نجد أن الإعلام الأمريكي لا يتـحـرك إلا حيـال الأحـداث الكبـرى ، عندها فقط تتـحـرك فـرق المحقـقـين والمصورين نحـو موقع الحدث. فهذا الاعلام لا يملك محطات في إفريقيا أو الشرق الأوسط أو أوروبا إنما يمتلك محطة في موسكو لأسبـاب سـيـاسـيـة ومعلوماتية، وتقوم محطة موسكو بتغطية أحداث أوروبا عند الضرورة الملحة . ومما لا شك فيه أن الصورة التليفزيونية سريعة الوصول إلى المهتم بها كما أن المطبوعة تلعب دورها وتثير القارىء ، لأن كلا منهما تمثل الحقيقة لقارئها بالرغم من أن عملية الإثارة قائمة وموجـودة عند مختلف الشعوب والأمم وليس عند الشعب الأمريكي فقط ، لكن لكل نظرته وفلسفته في عملية الاثارة . ومن ناحية ثانيـة اقتـدى الإعـلام الأوروبي بخطوات الإعلام الأمريكي في تنظيم استطلاعات الرأي ، لكنه ما زال محصوراً في دوائر محدودة ، كما أن حالة الإثارة عند الأوروبيين غيرها عند الامريكيين بفعل أن الصدمة الاعلامية
كتاب طوفان ما بعد العولمة صناعة الإعلام و تحول السلطة – دكتور خالد محمد غازي – صفحة ١٠٩