لقد برز مفهوم حق الاتصال للمرة الأولى في 1969. وكان جان دارسي
(1)Jean D’ARCY أول من رسم بعض خطوطه الكبرى عندما دعا إلى حق أوسع نطاقا من الحق في الإعلام، وهو الحق في الاتصال. وينـطـوي هـذا الحق ضمن أمور أخرى، على حق الإنسان في أن يسمع ويسمع وأن يعلم ويعلم.
كتاب النظام الإعلامي الجديد – الدكتور مصطفى المصمودي – صفحة ١٠٨
البعد القانوني : حق الاتصال مفهوم جديد لحرية التعبير
أما دسموند فيشار (2) Desmond FISHER فيرى حق الاتصال يشكل حقا أساسيا للإنسان، ويتفرع عنه عدد من الحقوق والحريات الأخرى، مثل الحق في الإعلام، وحرية التعبير وحرية الرأي.. . الخ. وإنه يحق لنا أن نتساءل ما هو الهدف من هذا الحق ؟ ولماذا تعتبر المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان غير كافية ؟ وما هي التغييرات التي جدت منذ اعتماد هذه المادة في 1948 ؟.
إن الرد على هذه التساؤلات ليس سهلا إلا أنه يمكن القول بأن الدواعي ترجع خاصة إلى التغييرات التالية:
– بروز وسائل جديدة للإعلام والاتصال وانتشار كبير لهذه الوسائل
(مثل الراديو، التلفزيون، الفيديو والتوابع الصناعية الخ).
– وعي بدور الإعلام بالنسبة لتطور المجتمع وضمان مناعته.
– شعور أعمق بمكانة العالم الثالث من الوجهة السياسية والاجتماعية.
– وعي بضرورة التكافل لمواجهة المشكلات التي تعترض طريق البشرية
جمعاء.-تدعيم نزعة التعدد السياسي.. . الخ.
ومن الواضح أن هذه المعطيات تستدعي تغيير الأوضاع الـراهـنـة مـن أجل إنصاف ذوي الحقوق المهضومة في كنف التعاون والتبادل الإعلامي المتوازن. ذلك لأن الحق في الاتصال مرتبط بضرورة الوعي بأن الاتصالات تشكل موردا من موارد البشرية يتعين استخدامه واستغلاله على أساس عادل.
والواقع أن الحق في الاتصال يتجاوز حريات الصحافة والإعلام إلى أسس ديمقراطية أكثر وثوقا ومجالات مشاركة أكثر اتساعا، ذلك لأن الاتصال لا يكون له معنى، إلا إذا كان تيارا ذا اتجاهين، وتبادلا بين متساويين، وذلك مثل أعلى لم يتحقق أبدا حتى اليوم.
أما فيما يتعلق بضبط مفهوم هذا الحق فإن هناك نهـجـين مـتـبـاينين: الأول يؤسس هذا الحق على الإطار الراهن للحريات والحقوق في مجال الاتصالات. والثاني يركز على ضرورة وضع مفهوم جديد وأسس جديدة لهذه الحريات والحقوق. وقد لاحظت اليونسكو منذ سنة 1975 في تقريرها حول الحق في الاتصال، تعقد هذا الموضوع مبررة بأنه ينطوي على مشكلات تختلف في شكلها وجوهرها، ويختلف تأويلها من مجتمع إلى آخر.
كتاب النظام الإعلامي الجديد – الدكتور مصطفى المصمودي – صفحة ١٠٩