إن مفهوم نظام أعلامي عالمي جديد لم يأخذ مكانته على مستوى الحوار الدولي بكل ما تعنيه الكلمة إلا في بداية سنة 1976 بمناسبة الملتقى الذي نظم بتونس على صعيد خبراء دول عدم الانحياز والمتعلق بمسائل الاتصال في الدول النامية. وهكذا، وبعد إدراك ظاهرة انعدام التوازن في ميدان الاتصال التي تنبهت لها قمة الجزائر لبلدان عدم الانحياز سنة 1973 ودور هذا القطاع في التنمية الاقتصادية، دعا الملتقى في إحدى توصياته إلى «أنه من واجب بلدان عدم الانحياز تغيير الوضع المنحاز وتحرير الإعلام ووضع تصور لنظام إعلامي عالمي جديد».
ثم صادق وزراء الإعلام لبلدان عدم الانحياز بعد أربعة أشهر بمدينة دلهي الجديدة بالهند على استنتاجات ملتقى تونس قبل أن يتم دعمها أثناء قمة البلدان غير المنحازة في أغسطس 1976 بكولمبو حيث وضع رؤساء الدول المشكلة في إطارها الأساس مؤكدين أن النظام العالمي الجديد للاتصال يتسم بنفس الأهمية التي يتسم بها النظام الاقتصادي العالمي. لقد أكدت سنة 1976 أهمية الإعلام والاتصال على الصعيد الدولي. ومنذ ذلك الحين أصبح عمل اليونسكو يعتمد اتجاها جديدا، فتبنى المؤتمر العام التاسع عشر المنعقد بنيروبي سنة 1976 برنامجا يعطي الأولوية للتدابير الرامية إلى تقليص الفارق في ميدان الإعلام بين الدول المصنعة والدول النامية وتحقيق رواج إعلامي عالمي بحرية وتوازن أكثر، وأقر نفس المؤتمر العام إنشاء لجنة دولية لمعالجة قضايا الاتصال.
إلا أنه لم تبد أي إشارة بخصوص النظام الإعلامي العالمي الجديد ولم تخصص له خلال تلك السنة أي توصية في توصيات اليونسكو أو الأمم المتحدة.
وقد اعتبر العديد من الغربيين آنذاك أن التلويح بكلمة نظام إعلامي عالمي جديد يثير في أذهان الكثيرين مطامح هتلر الذي كان يسعى هـو أيضا إلى تجديد النظام الدولي السائد في ذلك الوقت. وكان لا بد من انتظار تقرير رئيس مجلس التنسيق الإعلامي في بلدان
كتاب النظام الإعلامي الجديد – الدكتور مصطفى المصمودي – صفحة ٢٣