والشائعات أيضا لها تأثير كبير في تكوين الرأي العام ويذهب تشالرز أندال
Charles Annandale إن الشائعة عبارة عن رواية يتناقلها الناس دون أن تركيز على مصدرها مع عدم التوثق من صحتها.
كما وتختلف الشائعات من حيث طبيعتها إلى شائعات فردية، وشائعات جماعية وشائعات مجتمعية. ولكننا هنا نهتم بالشائعة المجتمعية التي تمس اقتصاديات المجتمع، أو نظامه السياسي أو الاجتماعي، وقد تتناول كليات هذا المجتمع كأن تتعرض للرموز والقيم والمثل ذات الدلالة في هذا المجتمع ذلك العلماء يوضح (هورفيتز)، (وزاندر) و (وهيموفيتش)، (بيبتون) في كتاب Group Dynamics”إن الأفراد يظهرون ميلا إلى تحريف موضوع الشائعة أو شكلها بحيث تمس الرموز أو القيم أو المثل العليا بقصد المبالغة في اهتمام الجماعة إلى هذه الشائعة بغية الوصول إلى أن تبدو الجماعة في حالة من التفاعل والفوران الذي يبعث فيهم الطمأنينة على مركزهم في الهيئة الاجتماعية”.
كتاب الشائعات ودور وسائل الإعلام في عصر المعلومات – دكتور هباس بن رجاء الحربي – صفحة ٧٢
من إن أمن الفرد يشتق بدرجة كبيرة من قدرته على الاعتماد على بيئة اجتماعية مستقرة، فجميع أفراد الجماعة سواء كانت أغراضهم استغلالية أو تعاونية يشتركون في الحاجة إلى أن يكونوا قادرين على التنبؤ بالطريقة التي سوف يتصرف بها الأفراد الآخرون إزاءهم. ولهذا فان الأفكار أو المعلومات الهدامة أو ما يعرف بالشائعات السوداء تترك أثارا أعمق في نفوس الأفراد ما تتركه الأفكار والمعلومات الطيبة، أو ما يعرف بالشائعات البيضاء. ومن هنا كانت درجة اهتزاز الجماعة للشائعات السوداء كبيرة للغاية مما يعطيها سرعة فائقة في الدوران والانتشار والتغلغل.
ومن المعروف أن هناك فرقا شاسعا بين الرأي العام، وبين ما يعرف برأي الحشد Crowd Opinion الأخير سريع التقلب، عديم الاستقرار، شديد الانفعال، نجد أن الرأي العام يتميز بالاستقرار والثبات والقدرة على التعبئة والتشكل والتوجيه.
والشائعات إذن لا تخاطب عقول واعية لان لديها ملكة ناقدة واعية وفاحصة مما يجعل الشائعة تتحطم أمام صخرة التفكير والمناقشة، قبل أن يدفع بها الأفراد أو الجماعات ويطلقوها، ويسهموا في ترويجها. ولهذا فهي توجه سمومها إلى الناس وهم في حالة حشود. وبعد أن تتمكن منهم في وضعهم الجماهيري غير الواعي تثبت أقدامها في بناء الرأي العام. ولهذا فان ترك الشائعات تستشري دون مواجهتها في كل مرحلة من مراحل نموها يدفع بها إلى الاستقرار والثبات لدرجة تغزو معها الرأي العام، ويصبح من الصعب جدا تخليصه من الآثار التي تسببها.
والحرب الحديثة تعتمد في نجاحها على أساليب التنكر والاختفاء ومداهمة العدو في عقر داره. لان حرب الشائعات سواء في أوقات السلم أو في أوقات الحروب تعتبر من أشد أساليب التفكر والمداهمة. وترجع خطورتها إلى أن مستقبلي الشائعات والمساعدين في ترويجها ليسوا أعداء وإنما هم في العادة مواطنون بسيطون صالحون
كتاب الشائعات ودور وسائل الإعلام في عصر المعلومات – دكتور هباس بن رجاء الحربي – صفحة ٧٣