وهي التي تستمد مضمونها من الثقافة الراقية ومن الثقافة الشعبية، وهي منتج من منتجات وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري، وهي معدة للاستهلاك الجماهيري، وتعمل على توحيدها وهي ثقافة مفروضة على الجماهير من أعلى إلى أسفل، فالثقافة الجماهيرية هي الرسائل الاتصالية التي تبثها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية غير الموجهة لطبقة محددة أو لأي مستوى ثقافي أو تعليمي محدد.
ومن هنا فالثقافة الجماهيرية كما يقول ويفرز ورفيقه فقد اصبحت ممكنة في ظل ظروف الاستهلاك الكبير والتقدم التكنولوجي الذي سهل الاتصال وجعل منه تجارة رابحة، وهكذا باتت الرسائل الإعلامية تخضع لقانون السوق التجاري وحيث أن السوق التجاري يتطلب دوماً المزيد من السلع بأرخص الأسعار ولتخاطب متوسط الأذواق فإن هذا استدعى تبسيطاً وتسطيحاً للثقافة والهدف دوماً هو كسب أكبر قدر ممكن من الجمهور القارئ أو المستمع أو المشاهد، ولكي يتحقق ذلك لجأت وسائل الإعلام إلى اقتناص جمهورها بطرق تستحوذ على الانتباه وخاصة من خلال الترفيه والتركيز عليه.
ومن هنا فإن العلاقة ما بين وسائل الإعلام الجماهيري والثقافة الجماهيرية علاقة تفاعلية من خلال ما يلي:
1- فوسائل الإعلام تقوم بضخ المنتج الإعلامي بكل مضامينه، وهذه المنتجات أصلاً موجهة للرأي العام أي ليقوم باستهلاكها والتأثير فيه، إلا أنها تحمل فيما تفرض نفسها على الرأي العام، وبالتالي أصبحت هذه الثقافة الجماهيرية تؤثر تأثيراً كبيراً على جهود المتصلين أو الملتقين، فعلى سبيل المثال تمكنت وسائل الإعلام من إقناع الجمهور بشخصية رجال المخدرات أو
كتاب الأمن الإعلامي – أستاذ دكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة – صفحة ٣٤
الفاسدين من خلال تحويل صورتهم من مجرمين إلى خيريين وفاعلين ومتبرعين للجمعيات الخيرية، وإلى دور الأيتام، وهذا العمل تقوم به وسائل الإعلام من خلال التغذية لعقول المشاهدين والمستمعين.
۲- وسائل الإعلام تقوم بوضع الأجندة وترتيب الأولويات فهي تعد الممثلين وتقوم بتدشين المسرح، وتغري الجمهور بالمشاهدة وبأسلوب يمتاز بالتكرار والإثارة، وهذا مما يجعل جمهور المشاهدين يقبل على المنتج الإعلامي الثقافي الجماهيري لهذه الوسائل، والسبب أن ما تقدمه وسائل الإعلام بدونه اختيارات وان تعددت الوسائل الإعلامية.
٣- والأهم من ذلك أن الثقافة الجماهيرية تواجه عدة مشكلات وأهمها سيطرة الدور الترفيهي أو وظيفة الترفيه على مضمون المنتج الإعلامي، إضافة إلى أن هذا المنتج الذي تقدمه وسائل الإعلام لا يمتاز بالجدية في المعالجة بل إن معظمه سطحي وتافه، وهنا تتعرض الرسالة الإعلامية إلى أزمة حادة بسبب فقر المنتج الإعلامي في المحتوى، وهذا ما يجعلها تسقط في دائرة عدم المصداقية والتشكك. وفي هذا الصدد فقد ذكرت منظمة اليونسكو للثقافة والعلوم والآداب في إحدى تقاريرها أن الترفيه الذي تقدمه وسائل الإعلام جاء على الشكل التالي:
مبتذل ونمطي بدرجة تجعله يحد من الخيال بدلاً من أن يثيره، تحمل تأثيرات المصالح التجارية والإعلامية، وكذلك ما يقره البيروقراطيون من كل نوع من التزام ثقافي عقيم من مخاطر تسطيح وإفقار وتجريف للحياة الثقافية وليست هذه كلها أوجه التناقض ففي بعض الأحيان أدت الفرص الجديدة المتاحة إلى إثارة الإبداع الخلاق لدى الأفراد وأدت أحياناً أخرى إلى تشجيع التقليد والسلبية لدى الجمهور وقد تأكدت في بعض الأحيان الذاتية للأقليات العرقية وغيرها من الأقليات باستغلال السبل الجديدة للتعبير، إن كانت المؤثرات الخارجية قد طغت عليها في أكثر الأحيان.
كتاب الأمن الإعلامي – أستاذ دكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة – صفحة ٣٥