ماذا نسمي المشهد المعلوماتي الدولي الحالي؟ هل هو مشهد متوازن أم مشهد مليء بالفوضى والخلل الدولي؟
يبدو أن المشهد الدولي أدخلنا في عصر الفوضى الهدامة وليست الفوضى الخلاقة فمعظم دول العالم الثالث تشكو أو بدأت تصرخ من تدفق وفوضى المعلومات الإعلامية الأحادية بما تحتويه من أخبار ومعلومات قادمة من الدول الامبريالية، وقد تنبهت اليونسكو إلى هذا الخلل والخطر الذي يهدد الثقافات الوطنية وتوصلت بالقول إلى وجود خلل نتيجة للفوضى الإعلامية، وأن هذا الخلل يعود إلى التفكير والاعتقاد فيما يخص منظومات القيم الإخبارية، فالخلاف إذن فكري حول هذه القيم ومعتقدات المجتمع ووضعية الإعلام وكما يقول د. أحمد عبد الملك في كتابه فضائيات ففي الوقت الذي يعتقد حراس البوابة في دول العالم الثالث ضرورة حماية المجتمع من الأفكار الواحدة والتوجهات الغربية وحفظ المجتمع من تلوث الحضارة الوافدة، نجد أن الصحفيين والإعلاميين في الدول الغربية يؤمنون بالحرية التي تبيح نشر المعلومات والوصول إليها وحق المواطنين بالأخبار وضرورة الوصول إلى الحقيقة مهما بلغت ذلك. ومن هنا فقد جرى على ساحة العالم الثالث إصرار قوانين أحدها لا تمانع تدفق المعلومات، والأخرى ترفض هذا التدفق، وكل طرف متمسك برأيه وهو الذي ساهم في بروز الفجوة والجفاء، ومع ذلك كما يقولون من يملك أدوات القوة والتكنولوجيا بالطبع سيفرض رأيه على الآخر الذي لا يملك إلا ردات الفعل، ومع ذلك فالغرب كما يقول العلماء نجح من خلال الأدوات التالية : (١)
١- احتكار الوكالات الإخبارية الأربعة الكبرى لبث الإخبار العالمية.
(١) – فضائيات، د. أحمد عبد الملك، دار مجدلاوي ۲۰۰۰، ص۱۲- ۱۳
كتاب الأمن الإعلامي – أستاذ دكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة – صفحة ٥٦
۲- احتكار مؤسستين أو ثلاث للصورة الخبرية وحاجة الدول لهذه الصورة وخاصة العربية لنشراتها الإخبارية ما دفعها لتوقيع عقود طويلة الأجل من أجل استقلال أفلام هذه الوكالات.
٣- عدم وجود محطة أو شبكة إعلامية إخبارية عربية فاعلة تمتلك مقومات النجاح لتزويد المحطات العربية بالأخبار الساخنة وفي هذا المجال نستثني قناة الجزيرة من هذا الجانب فقد حققت إنجازات إعلامية مذهلة).
٤- تشكيل الخبر الوافد عبر الوكالات الأجنبية بما يتلاءم والتفكير والرؤيا الغربية، وهذا مما لا شك فيه يؤيد توجه تلك الدول والوكالات.
٥- سرعة تحرك أطقم الشبكات الغربية إلى مواقع الحدث وإدهاش المشاهدين بدقة التغطية وآنيتها في الوقت الذي تعتمد بعض المحطات على مراسل وكالة الأنباء التابع لها.
٦- نمطية تقديم وتحرير الإخبار في بعض الفضائيات في العالم الثالث وخاصة الفضائيات العربية وهو أمر يدعو إلى الأسف حيث أن بعض الفضائيات العربية ما زالت تبث أخبارها بطريقة متخلفة وروتينية رغم التطور الذي جرى بحيث تربك المشاهد وتجعله يشعر أن الحرب بدأت من خلال صوت المذيع أو بعض المذيعين، ويغيب أسلوب التقديم هيمنة الصداقة بين المذيع والشاهد.
٧- الاختلاف حول القيم الإخبارية وعدم الالتفاف إلى أن المشاهد يستقي أخباره من عدة محطات وبذلك لا بد له أن يقارن بين هذه المحطات، وبالتالي يثق بالمحطة التي له الخبر الجيد والصادق وقد يهمل المحطة التي تقدم له الدعاية على أنها خبر، تقدم وهذا الخلط يحتاج إلى معالجة في ظل التطور الرهيب لوسائل الاتصال والإعلام.
كتاب الأمن الإعلامي – أستاذ دكتور بسام عبد الرحمن المشاقبة – صفحة ٥٧