ويزداد الاعتماد على الإعلام أيضا في أوقات التغيير والنزاعات المتزايدة عندما يعتمد الأفراد علي الإعلام من أجل المعلومات التي تزيل الالتباس.
أنماط السلوك الانتقائي
ثمة مشكلة إضافية في فهـم تشكيل الرأي العـام تـتضـمن معالجـة الفـرد العقلية للأخبار من منظور شخص ، وهناك أربعة مفاهيم رئيسية لوصف كيفية معالجة البشر للرسالة الإعلامية.
التعرض الانتقائي
عـادة مـا يـقـرر الأفراد أية وسيلة إعلامية يتعرضون لهـا وهـذا بالطبع هـو أساس نظرية الاستخدام والرضا ، فالناس يتخذون قرارات عن وعي بشأن استخدام الإعلام بناء علي حاجات معينة حيث يتعرضون طواعية لوسائل معينة ويتجنبون أخرى كما أن العوامل التي تؤثر في عملية التعرض للإعلام تشتمل علي الاستخدام السابق للوسيلة والاتجاه نحو الوسيلة ومزاجية الفرد والمشاعر الشخصية وتجنب موضوع ما أو الانشغال به.
الاهتمام الانتقائي
عادة ما يقرر الأفراد أي الرسائل الإعلامية التي يولونها اهتمامهم ، فقد يتعرضون لرسـالة معينة ولكـن لا يهتمـون بـهـا فالاهتمام الانتقائي يشتمل علـى المعلومات التي يراد معالجتها وأيها يمكن تجاهلها ،ويميل الناس عادة إلي تجنب
كتاب الأخبار والرأي العام – للمؤلفين ماكس ماكومز و لانس هولبرت وسبيرو كيوسيس و واين وانتا – صفحة ١٦٤ – ترجمة د. محمد صفوة حسن
الرسائل التي تسبب التنافر وهي المعلومات المخالفة للقيم والمعتقدات وإلي السعي إلى المعلومات التي تتفق مع معلومات سبق معالجتها، ويستخدم مصطلح “الاهتمام الانتقائي” في الغالـب بـديلا عـن مـفهـومين وثيقي الصلة وهما “الذاكرة العاملة أو الأساسية و “الوعي” ويعني الوعي القيام بمعالجة عميقة لرسالة ما ويعتبر الاهتمام بالإعلام الإخباري مؤشرا علي تأثير الإعلام أكثر من التعرض له.
التخزين الانتقائي
مع التسليم بوفرة المعلومات المتاحـة فـإن الأفراد لديهم ذاكرة محدودة القدرة وبالتالي لا يمكن الاحتفاظ بكل المعلومات التي يتعرضون لهـا ، ومـن خـلال التخزين الانتقائي يمكن استبعاد المعلومات غير المرغوب فيها ، ويعني هذا في الغالب أن الأفراد يحتفظـون بالرسـائـل الـتي تـعـزز مـن اتجاهـاتهم السابقة ويستبعدون المعلومات التي تتعارض مع اهتماماتهم وقيمهم ومعتقداتهم ، وبالطبع فـإن هـذا يؤدي إلي الإقلال من التنافر المعرفي.
الادراك المعرفي
يختلف الأفراد في كيفية إدراكهـم للمعلومات في الرسالة الإعلامية ، و يعني هذا أن الناس يدركون الرسائل بناء علي منظورهم الذاتي أو انحيازهم مما ينتج عنه أن يفسر شخصان نفس الرسالة بطريقة مختلفة جداً ، وعادة ما يسمح هذا للأفراد بأن يعالجوا ويخزنوا المعلومات التي تتعارض مع ما يعتقدونه وذلك بتغيير تفسير للرسالة.،و قد يكون أفضل مثال علي الإدراك الانتقائي هـو الدراسة الكلاسيكية التي قام بها ألبرت هاستورف وهادلي كانتريـل والـتي طلـب فيهـا مـن طلاب مـن برنستون ودارتموث أن يشاهدوا تسجيلا لمباراة كرة قدم بين جامعتين
كتاب الأخبار والرأي العام – للمؤلفين ماكس ماكومز و لانس هولبرت وسبيرو كيوسيس و واين وانتا – صفحة ١٦٥ – ترجمة د. محمد صفوة حسن
حيث ذكر طلاب برنستون أنهم شاهدوا مخالفات للقواعد تعادل ضعف ما شاهده طلاب دارتموث ، وتوصـل هـاسـتورف وكـانترل إلي أن الناس يفسرون الأحـداث مـن منظور خبراتهم الشخصية حيث يشاهدون الأحداث بمنظور يتفق مع اتجاهاتهم السابقة.
تبعات انتقائية
يمكن أن يؤدي السلوك الانتقائي لدى الفرد إلي عدد من النتائج المختلفة. تبعات الانتقائية
الاستقطاب
هناك دليل من الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2004 علي أن نمط التعرض الحزبي الانتقائي للإعلام الإخبـاري قـد زاد مـن درجـة الاستقطاب بـين الناخبين طيلة الانتخابات ، ولأن الرسائل التي تتفق مع المعتقدات السابقة تحظى بفرصة أكبر للمعالجـة ،فإن التعرض والاهتمام والتخزين والإدراك الانتقائيين يمكن أن يكونوا عوامل استقطاب للاتجاهات السياسية ، وإذا ما ضربنا مثلاً قائماً حاليا يمكن القول بأن الخطوة الأولى في هذه العملية هي أن الناس الذين ينتقدون الرئيس أوباما يختارون التعرض فقط للإعلام الإخبـاري والمعلومات التي تنتقـد الرئيس ، وبنفس الطريقة يمكن أن يختاروا تجاهل المعلومات ذات التوجه الإيجابي نحو الرئيس مع الحرص علي المعلومات السلبية. وحتى لو صادف منتقدو الرئيس عرضـاً معلومـات إيجابيـة سـوف يستبعدونهـا مـن ذاكرتهم ويحتفظـون فقـط بالمعلومات السلبية وأخيراً ، حتى لو صادف منتقدو الرئيس عرضاً معلومات إيجابية فإنهم يحرصون عليها ويحتفظون بها ومع ذلك يصرون علي أنها معلومات سلبية ، فالاتجاهات السلبية السابقة نحـو الـرئيس أوباما يعززهـا التعـرض والاهتمام
كتاب الأخبار والرأي العام – للمؤلفين ماكس ماكومز و لانس هولبرت وسبيرو كيوسيس و واين وانتا – صفحة ١٦٦ – ترجمة د. محمد صفوة حسن
والتخزين والإدراك الانتقائيين ، هذا التعزيـز للاتجاهات السابقة يمكن أن يجعـل الأفراد مستقطبين أكثر فأكثر.
التأثير العدائي للإعلام
كما بينت مناقشة التحيزي الفصل الثاني يلاحظ أن الأفراد لديهم مـيـل لأن يصدقوا أن الإعلام الإخباري متحيز ضد اتجاهاتهم ومعتقداتهم يؤمنون أيضا أن الإعلام يعرض أخبارهم بصورة خاطئة ، ويرى الحزبيون أن هناك تحيزاً حتى لو كانت التغطية متوازنة وتلك نتيجة نجمت إلي حد كبير عن الإدراك الانتقائي ويلاحظ أن الإعلام الإخباري يكافح لأحداث توازن في الأخبار التي يقدمها حيث يوفر كل جوانب المناظرات السياسية ، وعموماً يميل متابعو الأخبار لأن يروا فقط الأخبار التي تتعارض مع آرائهم.
كتاب الأخبار والرأي العام – للمؤلفين ماكس ماكومز و لانس هولبرت وسبيرو كيوسيس و واين وانتا – صفحة ١٦٧ – ترجمة د. محمد صفوة حسن