يلعب الإعلام الاخباري دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام ويعمل عـلـي تيسير التعبير عن الرأي العام بأساليب عديدة ولكي يكون لدينا تصور لهذه العلاقات بين الإعلام الإخبـاري والرأي العام ، تناولنا في الفصول السابقة بالتفصيل الأدلة التجريبية في العلوم الاجتماعية فيما يتعلق بتسلسل النتائج التي تصـف تشكيل الرأي العام والتعبير عنه ، ويشار إلي أن هذه السلسلة من النتائج والذي يشار إليه “بالبناء الهرمي للآثار والذي يبـدأ مـن التعرض البسيط للإعلام الإخبـاري إلـي السلوك المدني العلني مثل الخروج للاقتراعات والإدلاء بالصوت في يوم الانتخاب ، وبما أننا أكملنا دراستنا لهذا التسلسل خطوة بخطوة يصبح الهدف الآن هو جمع هذه النتائج معا في صورة متكاملة لعملية الاتصال السياسي ، وتعتبر مسألة فهم هذه العملية فعالة لكل من المواطنين والباحثين في مجال الاتصال والأكثر فاعلية هو الفهم الشامل لكيفية تناغم هذه المكونات معاً.
ولكي يكون لدينا هذا الفهم الشامل فإننا نبدأ بالمستوى صفر وهو خبرة كل فرد المباشرة بالإعلام الإخباري ولتكوين هذه الخبرة يجب الفصل بين التعرض للإعلام والاهتمـام بـالإعلام واستخدام الإعـلام ، ويعـني التعرض للإعـلام حرفيا التعرض المادي للقناة الإخبارية ويمكن لهذه الخبرة أن تتدرج مـن تعـرض عرضي تماماً – وهو ما يعني ببساطة التواجد في مكان يذاع فيه برنامج إخباري تليفزيوني أو وقوع العين علي مقتطفات إخبارية عبر الصفحة الاليكترونية علي الإنترنت – إلي أن تصل إلي التعرض المعتاد – وهو ما يعني قراءة الصحف أثناء الإفطار أو البحث عـن أحـدث الأخبار عبر التليفون الخلوي أو التحـول عـن عمـد إلـي بـرنـامج إخبـاري مسائي علي إحدى الشبكات التليفزيونية.
كتاب الأخبار والرأي العام – للمؤلفين ماكس ماكومز و لانس هولبرت وسبيرو كيوسيس و واين وانتا – صفحة ١٧٣ – ترجمة د. محمد صفوة حسن
وحتى في حالة السلوك المعتاد – وهو الجهود العمدية للتعرض للأخبار – يمكـن أن تكـون هـنـاك مستويات متباينـة جـداً مـن الاهتمـام إذ يقـوم بعـض النـاس بتشغيل الأخبار التليفزيونية وينصتون تماماً لما يسمعون ويقـوم آخـرون 4 نفـس الوقت بعمـل آخـر حـيـث يقومـون بـقـراءة الصحف أو مطالعة المجلات بينما يولون اهتماماً ضئيلا لفيض الأخبار علي التليفزيون. أثناء التعرض والاهتمام هناك فروق فردية كبيرة في خبرة الناس مع الإعلام الإخباري ، حيث يتعرض بعض الناس إلي الأخبار مرات عديدة في اليوم وقد يولونها اهتماماً كبيراً أو م مجرد اهتمام عرضي ، وعلى الطرف الآخر يحاول بعض الناس تجنب الأخبار بأقصى ما يستطيعون وبالتالي فإن أخذ هذه الفروق الفردية في الاعتبار أصبح أكثر أهمية لفهم الاختلافات في الاستخدام والرضا اللذين يعتبران أساسا نفسياً لتفاعل الناس مع الإعلام الإخباري فقد يتابع شخصان باهتمام نفس المناظرة السياسية علي التلفزيـون ولـكـن أحـدهما يفهمهمـا مـن مـنـظـور الصـراع السياسي والآخر يراهـا مصدرا للمعلومات عن الشخصيات ومواقف المرشحين مـن قضايا معينة ، إذن يمكـن أن يكون هناك نفـس التعـرض ومستوى الاهتمام ولكـن الخبرات مختلفة بشأن الاستخدام ، ونتيجة لذلك ، لا يمكننا أن نتحدث بحـق عن جمهـور واحـد للأخبـار بـل يجـب أن نتحـدث جماهير مختلفة للأخبـار تتشكل مـن مجموعة من طائفة من الجماعات تحددها خبرات فردية مختلفة. إننا بحاجـة لأن نـرفض فكـرة تنافس وسائل الإعلام المتنوعة في اللعبة الصفرية مع بعضها البعض من أجل جذب الاهتمام العامة بل نحتاج لأن نركز علي الطريقة التي يعمـل بـهـا أحـد أنـواع الإعلام الإخبـاري في تدعيم الأنواع الأخـرى
كتاب الأخبار والرأي العام – للمؤلفين ماكس ماكومز و لانس هولبرت وسبيرو كيوسيس و واين وانتا – صفحة ١٧٤ – ترجمة د. محمد صفوة حسن