تشبه هذه النظرية عملية تأثر الذين يتعرضون للمواد الإعلامية التي تبث عبر مختلف الوسائل الإعلامية بعملية التطعيم أو التلقيح، بمعنى آخر أن وسائل الإعلام وبالذات الجماهيرية منها تحقن جماهير المتعرضين لهذه الوسائل بالمواد الإعلامية بجرعات متوالية، أي أنها تبث ما تريد بثه على فترات زمنية متواصلة، محدثة بذلك نوع من التحطيم التدريجي لمقاومة المتلقين أو قل عملية غسيل دماغ، بحيث يسهل بعد ذلك تسلل ما تبثه إلى عقول وقلوب ونفوس الناس خصوصاً إذا ما كانت هذه المواد الإعلامية من النوع الذي يتعارض مع القيم والأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع والتي من المفروض أنها في الظروف العادية تلقى مقاومة إلا أن عملية التكرار هذه من شأنها أن تحدث نوعاً من التبلد أو عدم الإحساس بحيث تصبح الفضائح المعروضة على أنها أمر عادي، ومع مرور الزمن فإنها ما تلبث أن تصبح مألوفة ومقبولة من قبلهم.
وخير مثال عليها المتعاطون للمخدرات، فقبل الحقن بالمورفين أو خلافه من المواد المخدرة فإنك تجده ملئ بمشاعر الغيرة على العرض والشرف والكرامة والحياء العام ولكن بعد توالي الحقن والوصول إلى مرحلة الإدمان فإن الغيرة عنده والتمسك بالعرض والكرامة والشرف تبدأ في الانحسار إلى أن يصل إلى مرحلة قديبيع فيها الشرف والكرامة والعرض من أجل الاستمرار في الحصول على المال الذي يوفر له المخدرات.
الإعلام و التنشئه الاجتماعية – دكتور صالح خليل الصقور – صفحة ٢٧