جاءت هذه النظرية بعد حقبة استعمارية طويلة وبداية حقبة جديدة من الاستقلال التي شهدتها العديد من الدول وبالذات دول أمريكا اللاتينية، فقد كانت انطلاقه النظرية من هناك إلا أنها ما لبثت أن انتشرت في بقاع شتى وبالذات في الدول النامية، يرى العديد من الإعلاميين والاجتماعيين أنها رد فعل لإخفاق نظريات التحديث الغريبة في تفسيرها لأسباب تخلف الدول النامية، فهي ترى أن ما تقدمه الدول الصناعية من تكنولوجيا إعلامية وأنظمة وممارسات مهنية إعلامية ومواد وبرامج إعلامية للدول النامية لاستهلاكها يعمل على صنع وتعميق التبعية الإعلامية لهذه الدول وزيادة اعتمادها على الدول الصناعية، هذا ويستمر أصحاب هذه النظرية وحتى أنصارهم في القول بأن التكنولوجيا والأنظمة والممارسات
الإعلام و التنشئه الاجتماعية – دكتور صالح خليل الصقور – صفحة ٣٠
الإعلامية المنقولة من دول العالم المتقدم تعمل على تشويه البناءات الثقافية لهذه الدول وتسهم في خلق الثقافة المهجنة والتغريب الثقافي والغزو الثقاف). وهذا صحيح لأن التكنولوجيا الإعلامية تبقى بحوزة موجديها وأن ما يصل العالم الثالث هو منجزات التكنولوجيا الإعلامية وليست التكنولوجيا بحد ذاتها ، لذلك تبقي هذه الدول بمثابة المستهلك لمثل هذه التكنولوجيا، علماً أن البناء الثقافي للدول النامية بناء متخلفاً قبل الاستعمار واستمر كذلك بعد الاستعمار، وبالتالي فإن التكنولوجيا الإعلامية الغربية والأنظمة والممارسات الإعلامية للدول المتقدمة ستبقى أعلى مستوى من البناء الثقافي لهذه الدول، الأمر الذي يخلق حالة من عدم الملائمة وبالتالي النشاز الذي لا تستطيع معه هذه الدول من إحداث تغييرات في بنائها الثقافية ، بحيث يرتقي لمستوى هذه التكنولوجيا الإعلامية، فتظل هذه التكنولوجيا بمثابة أجهزة غريبة داخل النسق الثقافي يصعب امتصاصها وتقبلها والبناء عليها مما يبقى التبعية الإعلامية للدول الغربية وبالذات الكبرى منها قائمة.
الإعلام و التنشئه الاجتماعية – دكتور صالح خليل الصقور – صفحة ٣١