لم يعد الخبر الصحافي مجرد وصف اعتيادي لحدث معين يحظى بالاهتمام، بل أصبح صناعة مميزة لها سماتها المختصة.. ان هذه الصناعة الصحافية دخلت وتفاعلت فيها عوامل عدة أسهمت في تطور أساليبها ووسائلها وطرائق إيصالها إلى الجمهور.
ويشير مصطلح صناعة الأخبار News Industry إلى حجم التغطية
الإخبارية الهائل والى تصنيع الأحداث وتوزيعها عبر الوسائل الإخبارية المقروءة والمسموعة والمرئية بعد إخضاع الأخبار التي يبرقها المراسلون إلى عملية تكرير يخرج الخبر منها على شكل مادة خبرية مصنعة تحمل بصمات تلك الوسيلة الإخبارية).
وتعد الأخبار بموجب ذلك (إنتاج مصنع)، إذ هي النهاية أو الحصيلة لعمليـة
إنتاج ضخمة كالتي تمر بها سلع المصانع”، وتقوم صناعة الأخبار على ثلاث عمليات أساسية في ثالوث متجانس العناصر هي
1. جمع الأخبار News gathering: وهي المرحلة الأولى في صناعة الأخبار التي تبدأ بعملية جمع المعلومات والحقائق والتفاصيل التي تفيد المراسل في إعداد الصيغة النهائية للخبر.
2. تصنيع الأخبار (صياغة الأخبار) News Processing: وهي المرحلة
الثانية في صناعة الأخبار، ويشبه أحد الكتاب عملية إعداد الخبر حتى سـاعة
دخوله المؤسسة الإعلامية بالقمع، وذلك لان بين اختيار المراسل لموضوعه وبين
وصول الخبر في شكله النهائي اختبارات عديدة أخرى متوالية وهذه العمليـة
يمكن تشبيهها على صورة القمع.
۳. توزيع الأخبار News distribution: وهي المرحلـة الأخـيرة في صناعة الأخبار، بعد أن يختار الصحافي جوهر المعلومات الأساسية ليصوغها في قالب إخباري مناسب معتمداً الدقة والشفافية والإيجاز والبيان ليصل بـالخبر
جاهزاً بصيغته النهائية إلى المؤسسة الإعلامية التي بدورها تقوم بنشره وتوزيعه. أما مفهوم القيم الإخبارية فهو –بالمقابل- يثير جدلاً معرفياً وخلطاً في المفاهيم وتشابكاً في الرؤى اتجاه مفهوم وخصائص الخبر الصحافي، ولعل هذا الخلط المعرفي القائم بين المصطلحين يستند إلى أن الخبر ينطلق من أبعاد متعددة انسجاما مع الدور الوظيفي
كتاب الاعلام الجديد – د انتصار ابراهيم عبد الرزاق و د صفد حسام الساموك -صفحة ٨٣
الذي تلعبه الأخبار اتجاه المجتمعات في المعرفة والثقافة نفسها، فـضـلا عـن التوجـه الاستراتيجي له اتجاه الجمهور المعني الأول بالعملية الإعلامية، وهذا ما جعل مفهوم الخبر وتقدير أهميته أمراً يثير الجدل، لان مدلوله الاجتماعي يؤثر على حياة الفرد والجماعة، الأمر الذي يتطلب تعريف الخبر من خلال تحديد عناصر القيمة الإخبارية له، وتقـدير أهميته ومدى مسايرته لسياسة الصحيفة والمصلحة العامة
ومن الواضح أن وسائل الإعلام تركز على نوعية خاصة من الأخبـار وهـي
الأخبار الحديثة Soft News أي تلك التي تشكل ما اصطلح على تسميته بالسبق الصحافي، وهي قيمة تسعى وسائل الإعلام إلى تحقيقها، وبما أن القيم الإخباريـة تعـد المرتكز الرئيس في الإعلام بشكل عام فان أول ما ينبغي ملاحظته هو ضرورة التفرقة بين ثلاثة أسس بقي الخلط بينها قائما على الدوام
1. معايير نشر الخبر أو إذاعته.
٢. القيم الخبرية.
3. الصفات الواجب توفرها في الخبر.
فمعايير نشر الخبر الصحفي هي الأسس التي تحدد الصحف في ضوئها صلاحية الخبر للنشر، أما القيم الإخبارية فهي العناصر التي يجب توافرها كلها أو بعضها في الخبر لكي يمكن عده خبراً، أما الصفات التي يجب توفرها في الخبر فهي الشروط الواجـب توافرها فيه، من قبيل الدقة والصدق والموضوعية ويتضح مما تقدم أن القيم هي أطر مرجعية يرجع إليها الفرد لتكون مرشداً له لما ينبغي ان يكون عليه سلوكه، بيد أن (كلاكهون) يختلف مع هذه النتيجـة في تعريفـه للقيم، إذ عرفها (بأنها مجرد معايير يتوافر لها الثبات بمرور الوقت، وتستعمل بوصـفها مقياساً لمعرفة الصواب الذي يوافق عليه المجتمع) لقد أهتم عدد من الباحثين بموضوع تحديد المعايير الـتي تـتحكم في أسبقية وأفضلية النشر واختلفت التسميات وتعددت بشأنها، فهناك من يسميها بالعناصـر وآخرون يسمونها بالصفات وغيرهم يسميها بالاعتبارات، كما أجتهـد آخـرون بشأن تصنيفها بحسب النظم الإعلامية والسياسية، أو طبيعة الوسيلة الإعلامية التي لابد ان تؤثر بشكل أو بآخر في تحديد أو تشكيل تلك المعايير
كتاب الاعلام الجديد – د انتصار ابراهيم عبد الرزاق و د صفد حسام الساموك -صفحة ٨٤
اختلاف القيم الإخبارية بين منطقة وأخرى، بل في داخل المناطق ذاتهـا،
ومع وضع عدد من الباحثين من الإعلاميين معايير لقياس مستوى القيمة الإخبارية، إذ كـان المعيار الأول يقول: بان الأخبار هي عبارة عن مرآه تعكس الأحداث مثلمـا تعكـس صورة المرء الواقف أمامها، وهو افتراض يظهر بان الأخبار تعكس الأحداث والقضايا الجارية بغض النظر عمن يستفيد أو يخسر جراء نشر هذه الأخبار بيد أن هناك اتجاهاً آخر يظهر بان الأخبار أصبحت الآن أقل جدية وأكثر ميلاً إلى الترفيه، وذلك بسبب تأثير الضوابط الاقتصادية والمنافسة الكبيرة لاجتـذاب الجماهير.. إذ أن مركز الجاذبية قد أنتقل من معايير العمل الإخباري وأسسه الموضوعية إلى معايير تهدف إلى خلق أجواء تتسم بالإثارة والاستعراض
كتاب الاعلام الجديد – د انتصار ابراهيم عبد الرزاق و د صفد حسام الساموك -صفحة ٨٥