حل احتكار الإعلام الأوروبي 1918- 1934
بدات الفترة الثانية عام 1918 عندما شرعت الوكالات الامريكية بالتوسع فيأمريكا الشمالية. وبفضل الحرب العالمية الأولى خسرت وولف الالمانية مكانتهـا في منظومة الاحتكار ونشطت الوكالات المحلية نسبيا تحت ظل الوكالات العالمية. وانتهت الحقبة بانهيار منظومة الاحتكار غالبـا بـسبب نجاح الوكالات الامريكية واليابانية والسوفياتية. وبهذا أصبحت الوكالات الصغيرة حرة في التعاقد مع اي وكالـة تـريـد وفتح باب المنافسة ان الإعلام في ازمة حقيقية والبقاء بحـد ذاتـه يعـد تحـديا، مع نشوب الحرب العالمية و ظهور التكنولوجيا الاسلكية وانهيار السيطرة العالميـة علـى سـوق الأخبـار والتقلبات المالية التي عانت الهافاس ورويترز، ففـي ظـل هـذه التغييرات هـل كـان بامكان هذه الوكالات العمل بمعزل عن الدعم الحكومي؟.
هيمنة الوكالات الخمس الكبرى1940-1980
شرعت الوكالات الامريكية بالتوسعحقبة جديدة وبطيئة مالبثت ان تسارعت بانفتاح الفرص أمامهـا في الـدول الأوروبيـة التي خرجت من الحرب مدمرة. ظهرت وكالة انباء فرنسية جديده تدعى وكالة انبـاء فرنسا وهي وكالة تعاونية تديرها لجنة الإعلام و الحكومة و الإذاعة المحلية، والاهم ان زبائنها كانوا من الأثرياء والمتنفذين في فرنسا وخارجها. وسرعان مـا أصـبحت هـذه
كتاب قضايا إعلامية معاصرة – أستاذ دكتور عبد الرزاق الدليمي- صفحة
– 169
من الوكالة الأبرز في العالم. اما وكالة الأنباء السوفياتية فقد نشطت في دول اوروبا الشرقية الشيوعية. كما ظهرت في آسيا وافريقيا والشرق الاوسط وكالات انباء محليـة عقـب الاستقلال الدول الاستعمارية. مع بداية السبعينات كانت اكثر من مائة دولة لها وكالتهـا الخاصة. ومع التحرر زال التوتر بين الدول المتقدمة والنامية، وبما ان الاستقلال السياسي لا يعني استقلالا اقتصاديا كـان علـى الـدول الناميـة ان تتلقى الأخبار من الدول المتقدمة وانطلاق نظام اعلامي جديـد محـكـوم مـن قبـل الولايات المتحدة واوروبا وهو ما عرف لاحقا باسم امبريالية الإعلام وفي امريكـا عـرف باسـم سيطرة الاقلية. وهي المرحلة التي قادت فيها رويترز الإعلام ماليا واقتصاديا، و تحولت من كونها محبوبة إلى مؤسسة ثرية فاسدة وعدوانيـة تلعب دورا بارزا في تحريك الاقتصاد العالمي
حل الوكالات الخمس الكبرى
بدأت المرحلة الرابعة -التي تمتد حتى يومنا هذا- مع بداية الثمانينات اي مع بداية انهيار الإتحاد السوفياتي ووكالة تاس التي تحولت إلى الوكالة الروسية (وليست العالمية). بانهيار الإتحاد السوفياتي انهارت العديد من الوكالات الناجحة في اوروبا الشرقية والتي كان عليها ان تناضل من اجل الحصول على الارباح والدعم الحكومي. مع ان ثلاثة منها مازالت قائمة لكنها واجهت منافسة شـديد بسبب اعـادة الهيكلـة وانعدام الدعم الحكومي، واضاف الإنترنت تهديدا جديدا لمنافسته من حيث التكلفة. مازال البعض يؤمن بان الوكالات هي المصدر الرئيس للمعلومات ويمكنها الوصـول إلى مساحة اكبر من القراء.
الوكالات الثلاث الكبرى
ان رويترز واسوشيتيد بريس والوكالة الفرنسية التي ترتبط بهافاس والتي تعـود جذورها إلى القرن التاسع عشر هي اهم ثلاث وكالات اليـوم. لا شك ان رويترز كانت الوكالة الإعلامية الأولى في الالفية الماضية بمقاييس الحجـم و الثراء وحجـم العملاء والارباح ..الخ. والسبب الأول والاهم انها ومنذ بدايتها كانت شركة عالميـة وليست محلية بسيطة. في النصف الثاني من القرن العشرين اخرجت نفسها من هويتها
كتاب قضايا إعلامية معاصرة – أستاذ دكتور عبد الرزاق الدليمي- صفحة
– 170-
البريطانية، فانحدر موظفوها من 160 دولة مع ان البريطانيين والاميريكيين احتفظـوا بالوظائف الادارية العليا فيها. حتى ان المتنفذين مـن رويترز ينظرون إلى اسوشيتيد بریس و وكالة الأنباء الامريكية على انهما غير عالميتين بالنظر إلى تركيز نشاطهم على السوق المحلي. وقد فاقت ارباح رويترز خمسة اضعاف الوكالتين السابقتين من السوق العالمي والقليل من السوق المحلي.
ثانيا ان رويترز حصنت نفسها ماليا باستقلالها عن وسائل الإعلام. فـان غالبيـة ارباحها تاتي من الأخبار المالية. ففي عام 1997 بلغت ارباح رويترز حـوالي 1.852 مليون جنيه استرليني وهو اكثر من الدخل القومي البريطاني مـن الإعلام والمنتجات الحرفية والمنتجات المتداولة. و يأتي هذا النجاح من تجاهل السوق المحلية والتوجه عالميا وبيع المعلومات لغير الإعلاميين إضافة إلى الاستقلالية في جمع الأخبار العامة والماليـة وتحفظها ازاء التوسع الإعلامي كانشاء محطة تلفزيونية فالمنافسة في هذا المجال لا تعنيها بالدرجة الأولى حتى تقدمت عليها اسوشيتيد بريس في مجال الأخبار. وخلال الركود
الاقتصادي عام 2001-2003 قامت رويترز بتقليص عدد موظفيها خوفا على وضعها المالي مع ازدهار الشركات المنافسة، على العكس واجهـت اسوشيتيد بريس AP صعوبات مالية حتى جاوزت خسائرها 26 مليون دولار عام 1995. ويعـزو البعض هذه الخسائر إلى المنافسة الشديدة مـن رويترز ووكالة الأنباء الفرنسية مـن جهـة والصحف الهامة مثل النيويورك تايمز ولوس انجلوس تايمز من جهة ثانية. العضو الثالث في هذا الإتحاد هي وكالة الصحافة الفرنسية AFP . بالرغم مـن اعتمادها بالدرجة الأولى على الوكالات المحلية الا ان عوائدها انخفضت بشكل مخيف عام 1970. وهي وكالة الأنباء الوحيدة الغير أنجلو اميريكية التي حظيت بالتغطيـة الإعلامية لآسيا وأمريكا اللاتينية وافريقيا. وبهذا تكون الوكالات الثلاث الأولى في العالم قد كافحت من اجل البقاء كل على طريقتها. فرويترز عملت على الأخبار المالية وزبائن من غير الإعلاميين. و AP فقد ركزت نشاطها على السوق المحلي -ربما بفضل تراجع وكالة الأنباء الامريكية UPI-. اما AFP فقد نجحت بفـضـل الـدعـم الحكومي وربما هذا ما سمح لها بتوسيع نشاطها في الخارج.
كتاب قضايا إعلامية معاصرة – أستاذ دكتور عبد الرزاق الدليمي- صفحة
– 171-