لقد كانت وظائف الإعلام التي نكررها ونلح عليها في ميادين التوعية والتنمية والتوجيه والتنوير والحوار والتثقيف، وقبل ذلك كله، الإعلام والمعلومات، بمعنى الإعلام الذي يتسم بالصدق ويقـوم على بث الحقائق والأخبار كما هي تصوير دقيق للوقائع والأحداث. ولكننا في زمن متحول متغير يضطرم بكـل مـا تشهده أيامنا الحاضرة. نجـد أن وظائف جديدة بات يضطلع بها هذا الإعلام الذي يلاحقنا صباح مساء. وهذه الوظائف كما نراها الآن، هي:
أولا: المبالغة، والعمل من الحبة قبة وبدون مبرر، مما ينعكس سلبا على صـورة
بطل الحدث أمام الجماهير، إضافة إلى إثارة الذعر والخوف من مسائل
يمكن حصرها في أضيق نطاق، لو تمت معالجتها بما يتطلبـه الحـال مـن
هدوء وروية وحسن نية.
ثانيا: اغتيال الشخصية، وفي هذه الحالة يتم حرق الشخصية الواردة في الخبر وقتلها معنويا تحت دواعي الإخلال بالدين أو الشرف أو الوطنية، وهيهات
كتاب قضايا ودراسات إعلامية – أستاذ دكتور تيسير أبو عرجة – صفحة ٣٤
للنفي والرد والإثباتات والمرافعات أن تلغي آثار ما تحدثه قنبلة الاتهام من
تأثيرات مدوية عند إنفجارها لأول مرة.
ثالثا: دق الأسافين، وكأنه يعز على هذه الجهة الإعلامية أو تلك، أن تجد السماء صافية، والمياه جارية، والقلـوب وقـد أوشكت على الصفح، حتـى تنـهـال تحريضا وإثارة للأحقاد والضغائن، أو النبش في الملفات القديمة، وكلمة من هنا، وكلمة من هناك، وكأنك يا أبوزيد…ألخ. رعد الشمال لها بالمال
رابعا: الإحباط، حيث يؤكد لنا هذا الإعلام، أن لا أمل ولا شفاء من العلل، ولا
المستقبل لهذه الأمة، وكل شيء متهافت وسوداوي، وتقرأ من هذا القبيل ما
ا لا يعد من المقالات والتحاليل.. الحلقة
خامسا: الاغتراب، وما نقصده هـو تكريس الاغتراب الثقافي، وإشاعة الفـراغ
فيه الروحي، من ترويج لكل سطحي، مما يجعل لوسائل الإعلام وظيفة لم يرد
ذكرها في العالمين، وهي تدمير روح الأمة وطعن ثقافتها.
سادسا: تخريب اللغة العربية، بما يؤدي إلى نوع من الانتحار الثقافي، لأن مـن يستمع إلى ما “يرطن” به بعض المذيعين والمذيعات، يدرك أن هذا النوع من الإعلام، يقوم بجدارة تامة، بدوره المرسوم في تخريب اللغة وطعن الهوية
تي الثقافية للأمة. ونحن نتجه الآن إلى خصخصة الإعلام، وتشجيع القطاع الخاص للدخول في الصناعة الاتصالية
كتاب قضايا ودراسات إعلامية – أستاذ دكتور تيسير أبو عرجة – صفحة ٣٥