الأولى، إتاحة الفرصة للضيوف من الشخصيات المجتمعية والجمهور
للتعبير عن آرائهم واتجاهاتهم ومواقفهم باستضافتهم في استوديوهات
القناة أو باستقبال اتصالاتهم الهاتفية المباشرة. وبذلك تابعت
الجماهير ما يجري في مسرح الحدث من تطورات لحظة بلحظة، وبعثت
فيهم إحساس معايشة الحدث في مكانه ولحظة وقوعه.
والثانية، تأسيس مواقع على الانترنت تابعة للقنوات الفضائية بهدف
إتاحة الفرصة للجمهور لرفع مشاركاتهم المرئية في الموقع وإعادة بثه
في برامج القناة. إعادة البث تخضع لعملية انتقائية يقوم بها حارس
البوابة في المؤسسة الإعلامية، يختار من مشاركات الجمهور ما
يخدم رؤية المؤسسة تجاه الحدث.
3- الصورة الإعلامية المؤدلجة
استطاعت القنوات الإعلامية توظيف الصورة المتحركة لتخدم
الرسالة الإعلامية وأهدافها بأساليب مهنية مبدعة. فقد كانت تختار
من الصور في مسرح الأحداث ما يوافق رؤيتها، وتعمد في أحيان كثيرة
إلى تكرار هذه الصور مصحوبة بلغة إخبارية أو نص قصصي لتعزز (١)
(۱) حارس البوابة هو عنوان لواحدة من أهم نظريات الإعلام التي تقول إن الرسالة الإعلامية تمر
بمراحل متعددة منذ وقوع الحدث الذي تعبر عنه حتى تصل إلى الجمهور، وفي كل مرحلة يوجد شخص
أو مجموعة أشخاص يقررون ما الذي سيمر أو يقدم أو يستبعد من المادة التي تم الحصول عليها.
هؤلاء الأشخاص يسمون حراس البوابة Gate Keepers، باعتبار أن كل مر۔
حلة تمثل بوابة تمر من
خلالها الرسالة الإعلامية وتخضع لتعديلات سواء بالحذف أو التعديل أو الإضافة.
صفحة ٧٠ – كتاب أيديولوجيا الإعلام – أ. د. محمد بن سعود البشر
تأثير الرسالة في الجمهور، وتسهم في تشكيل مواقفه تجاه الرسالة
الإعلامية التي تريدها القناة.
ويبدو الإبداع في توظيف القنوات التلفزيونية للصورة المؤدلجة
في أرقى أساليبه المهنية عندما توظف الصورة بأسلوب عاطفي من
خلال إنتاج ( البرومو)، والذي يتغير بتغير الوقت وتجدد الأحداث أو
تطورها. ويؤدي البرومو وظيفة تعبيرية (“) تتعدى مجرد سرد القصة إلى (٢)
إحداث التأثير على الجمهور. ولذلك يقول جين ميتري إن المونتاج هو:
(ربط اللقطات ذات العلاقة مما يجعل المشاهد يستقبل بوعيه الفكرة
أو العاطفة أو الشعور، والتي لا تقدم من خلال اللقطة الفردية)(٢).
وبدا أسلوب المونتاج المتوازي (4) أكثر شيوعاً في استخدامات القنوات
الفضائية للبرومات، حيث أعادت هذه القنوات عملية المونتاج لعدد من
الصور واللقطات بحيث تعطي دلالة معينة بعد تجميعها وربطها مصحوبة
باللغة الإعلامية، أو مستقلة عنها، كالدعوة إلى الثورة، أو الحث على
التعبير عن مظاهر الانتصار.
(۱) البرومو هو مقاطع مرئية مكونة من صور أو لقطات متعددة عن شخصية أو قضية،يتم تجميعها
وإعادة إنتاجها لإيصال فكرة أو معلومة أو معنى معيناً للجمهور. ويكون البرومو أكثر تأثيراً في الجمهور
إذا كان مصحوباً بلغة بليغة، وإلقاء مؤثر، معتمداً على أسلوب المدرسة العاطفية في التأثير.
(۲) الوظيفة التعبيرية للإنتاج يقصد بها: كل ترتيب للقطات يهدف إلى إحداث معنى، أو خلق شعور.
انظر: مسفر بن علي الموسى، أهمية المونتاج ووظائفه، المرجع السابق.
(۳) نقلاً عن مسفر الموسى، المرجع السابق.
(4) تقوم فكرة أسلوب الإنتاج المتوازي على حشد مجموعة من اللقطات التي لا يعبر أحادها عن معنى
معين، لكنها مجتمعة تمثل المعنى المقصود. أنظر: مسفر الموسى، المرجع السابق.
صفحة ٧١ – كتاب أيديولوجيا الإعلام – أ. د. محمد بن سعود البشر
استخدمت القنوات الإخبارية المتخصصة هذا الأسلوب بكثرة
في تغطيتها للثورات الشعبية في تونس ومصر وليبيا وبخاصة الصور
المصحوبة بأناشيد وطنية أو قتالية جهادية تهدف إلى إيصال رسالة
معينة إلى شعوب تلك الدول.
صفحة ٧٢ – كتاب أيديولوجيا الإعلام – أ. د. محمد بن سعود البشر