تعتمد الحرب النفسية على مجموعة من المبادئ الأساسية هي:
١ – تقديم أفكار أو حقائق جديدة بالنسبة للمستمع أو المستهدف، أو
استغلال وتوظيف هذه الحقائق لخدمة أغراض مصدر الحرب النفسية
مع انتقاء الأفكار التي يحتمل أن يقبلها الخصــم، وعـدم استعمال
الأفكار التي من المتوقع أن يرفضها الأعداء.
ولذلك لابد لمن يشن حربا نفسية ناجحة من دراسة اتجاهات المجتمـع
المستهدف ومعرفة ميوله وحاجاته وعقائده وكافة عناصر ثقافته.
۲ – الاعتماد على التكرار مع التنوع حتى لا يؤدي التكرار إلى الشـعور
بالملل ومن ثم رفض الرسالة، ويكون التكرار مع التشويق واستخدام
رسائل الجذب.
٣- تقديم المكافآت أو التعزيزات للجمهور المتلقي.
٤ – خلق حالة من الغموض وحب الاستطلاع لدى الخصم، بحيث تـــأتى
الرسالة كإشباع أو إجابة عن هذه الحاجة، وخفض حالة التوتر الـتي
تنجم عن الحرمان من المعرفة بالحقيقة، ذلك لأنه في جـو الغمـوض
وحده تنتشر الشائعات ويقبلها المجتمع لإشباع الحاجة إلى المعرفة.
٥ – ضرورة توفر المصداقية في مصدر الرسالة حتى يصدقـه ويثـق فيـه
الجمهور المستهدف ، فإذا عرف المجتمع المستهدف أن إذاعـة معينـة
كاذبة وتروج الشائعات انصرفوا عنها.
٦ – يفضل أن يتمتع مصدر الرسالة بالجاذبية والقبـول لـدى الجمـهور .
المستهدف، فالشخص المكروه لا يقبل الناس على الاستماع إليـه وإن
كتاب الحرب النفسية – أ د محمد منير حجاب – صفحة ١٠٣
استمعوا إليه لا يصدقونه، ولذلك تستخدم الشخصيات المحبوبة أو
المقبولة أو المرموقة.
٧- البعد عن الرسائل أو الأفكار التي تتعارض مع عموميــات المجتمـع
كالدين أو المساس بالمقدسات أو العادات الراسخة حتى لا يرفضـها
الخصوم.
۸- تستهدف الدعاية زعزعة قضيـة الخصـم وتشكيكه في عدالتـها
وصحتها.
٩ – إبراز نواحي الفقر والحرمان والعوز والجوع والإشـــارة إلى معانـاة
الخصم من مشاكل مثل: البطالة وانخفاض مستوى المعيشـة، وقلـة
المساكن، وصعوبة الزواج، وصعوبات التعليم.
۱۰- خلق صورة براقة ومشرقة عن حالة المجتمع المعـادي في حالة
استسلامه وتوقفه عن الحرب وقبوله الهزيمة.
۱۱- مخاطبة عواطف الناس ووجدانهم وانفعالاتهم أكثر من مخاطبة العقـلى
والمنطق
١٢- إثارة الخوف والفزع والرعب في نفوس الخصوم بالمبالغة والتضخيم
في القوات المسلحة، ومدى تواجد المدمرات والبـــــــوارج وحـاملات
الطائرات والمدرعات وأسراب الطائرات المقاتلة والقاذفة، والإشــارة
إلى الأعداد الضخمة من القوات المسلحة، وتدريبـهـم علـى كافـة
الحروب الحديثة، والتهديد باستخدام أسلحة الدمـار الشامل أو
الأسلحة النووية والكيميائية والجرثوميـة والبيولوجيـة واستخدام
الغازات السامة والقنابل الضخمة والعنقودية والهيدروجينية ومـا إلى
ذلك لما شاهدناه في الحملات الحربية التي قادتها الولايـات المتحـدة
الأمريكية ضد أفغانستان والعراق
كتاب الحرب النفسية – أ د محمد منير حجاب – صفحة ١٠٤
۱۳- تجنب معاداة الهدف أو الأهداف المخاطبة: على الرغم من انه قـد
يكون هناك صراع مسلح قائم أو منتظر بين دولـة وأخـرى، إلا أن
القائمين على تخطيط وإدارة الحملات النفسية الناجحة دائمـا مـا
يعملون على تجنب معاداة الهدف، سواء لأفراد قواتهـا المسـلحة أو
للسكان المحليين أو الشعب، مع العمل في الوقت نفسه، على أن يراعي
عند صياغة موضوعات الحملة ما يلي:
أ-عدم المبالغة في حجم خسائر العدو أو عرضها بطريقة مخجلة.
ب-عدم السخرية والاستهزاء أو إهانة الأفراد حتى لا يؤدى ذلك
إلى المقاومة العنيدة.
ج-عدم إظهار تقصير الأفراد في القتال على أنـه شـئ مـخـل
بالشرف.
ولعل من أهم عوامل نجاح الحملات النفسية التي أدارهـا القـوات
المشتركة في حرب تحرير الكويت، هو وضع هذا الاعتبار، موضع التنفيـذ
منذ بدء شن الحملات النفسية وحتى نهاية العمليات. إذ لجـأ المخطـط
دائماً، إلى العمل على كسب صداقة وود الهدف المخاطب، أفراد القـوات
العراقية، حتى أثناء تحذيرهم وطلب إخلاء مواقعهم، بينما علـى الجـانب
الآخر لجأ المخطط العراقي إلى استخدام الأساليب البدائيـة والإشـاعات
الكاذبة في إعداد وصياغة موضوعات الحملات النفسية ، كالسخرية
والاستهزاء من قيادات ورموز الحكم للدول الحليفة ممـا أفقـد حملاتـه
مصداقيتها والإقبال على متابعتها.
١٤- التحريض غير المباشر للهدف المخاطب: علـى الرغـم مـن أن
أسلوب التحريض أثناء الحرب أو الصراع المسلح من الأمور المنافيـة
للقوانين والأعراف الدولية، إلا إنه يعد أحد الأشكال التي يلجأ إليـها
كتاب الحرب النفسية – أ د محمد منير حجاب – صفحة ١٠٥
المخطط في تصميم موضوعات الحملات النفسية وصياغتها، خاصــة
عند الطلب من الأهداف المخاطبة التسليم أو التوقف عن المقاومـة أو
القتال، وعند اللجوء إلى استخدام هذا الأسلوب في إعداد موضـوع
الحملة يجب أن يراعي صياغتها بالأسلوب غير المباشر بـالعمل ضـد
نظام الحكم أو قيادته فقد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية، عناد مقاومـة
عنيفة، تجاهل وهو الخطأ الذي وقع فيه المخطط العراقي عند صياغـة
موضوع دعوة بعض العناصر المناوئة في المملكة العربيـة السـعودية
للقيام بعمليات تخريب داخل المملكة، وجـاءت الدعـوة موجهـة
ومفتوحة ومباشرة ،كان من نتائجها تجاهل تام على الطرف الآخر.
١٥- تزامن التوقيت: ويعنى أن موضوع الحملة لن يحقق الهدف منه، مـا
لم تؤخذ التطورات الهامة والحادة والمواقـف الجاريـة في الاعتبـار،
والإعداد الجيد والموقوت للموضوع ، مع ضرورة مراعــاة أن يتـم
النشر في تزامن وتوافق مع الحدث وقبل أن يفقد أهميتـه وفاعليتسه
فمثلاً، لن يحقق منشور يتركز موضوعه على تحريض الخصم على عـدم
القتال والدعوة إلى الانضمام أو الاستسلام للقوات المهاجمـة الهـدف
منه، وذلك بعد أن يتمكن الطرف الآخـر مـن احتواء الهجـوم
١٦- العمليات العقلية اللاشعورية: مـن أسـاليب التوافق
النفسي، فكل نفس بشرية، الميكانيزمات الآلية، التي تلجأ إليها هـذه
النفس عند الاصطدام بالفشل، والرغبة في التخلص من القلق والتوتر.
وهو ما يطلق عليها بـ “الحيل الدفاعيـة”، أو “العمليـات العقليـة
اللاشعورية الاستبدالية” التبرير، الإسقاط، النقص القلب، التفكـك..
إلخ، والتي من الضروري أن يقوم مخططوا الحملات النفسية بـالتعرف
عليها للأهداف في الدول محل الاهتمام.
كتاب الحرب النفسية – أ د محمد منير حجاب – صفحة ١٠٦
۱۷- مركزية التخطيط الشامل: يجب أن يتم التخطيـط الشـامل
للعمليات النفسية، على المستوى القومي، ومن خلال لجنة تضم خــواء
متخصصين في كافة المجالات، تقوم بوضع التخطيط الشامل للعمليات
النفسية. كذلك تحديد كافة الاحتمالات والبدائل للخطة المقترحـة
وتعمل هذه اللجنة باستقلالية وتكامل وتنسيق مع الأجهزة والهيئـات
المعنية، على أن تقوم المستويات الاستراتيجية بوضع الخطط التخصصية
المرحلية لكل مستوى.
۱۸- توفر الكوادر الفنية المؤهلة: يتطلب التخطيط الناجح والواعـي
للعمليات النفسية ، عدة مجالات تخصصية مختلفة، سیاسی، اقتصادی،
اجتماعي، إعلامي، نفسي.. إلخ. مما يستلزم معه الاعتماد على خــبراء
متخصصين ومؤهلين، ومن ذوي الخبرة، في كل مجال منها عند إعـداد
وتطوير الحملات النفسية.
١٩- المرونة: ويأتي هذا المبدأ من خلال التعامل مع الواقع، وكل مــن
متطلبات ومعطيات المرحلة، إذ لكـل طـرف ومرحلـة أسـلوب
ومرتكزات وأهداف تفرضها تلك المعطيات، فالعمليات النفسية تقـوم
على البحث الذي يقف وراءه أخصائيون، يرسمون معالمها، ويحـدون
خطاها، ودراسة وتحليل نتائج هذا التخطيط، من خلال تقييم وتحليـل
الحملة ، والدروس المستفادة، للعمل على تطوير الحمـلات
نتائج
النفسية المقبلة
۲۰ – الاستمرارية: وتعنى استمرارية العمليات النفسية وخلال مراحـل
الحرب المختلفة، وملاحقتها لكافة التطورات، وصور المعركـة مـع
الاستغلال الأمثل لكافة الوسائل والأساليب المتوافرة والمتاحة، وبما لا
يترك ثغرة أو فراغ.
كتاب الحرب النفسية – أ د محمد منير حجاب – صفحة ١٠٧