معادلة انتشار الإشاعة في عصر المعلومات
أوضحنا عند التعريف الذي قدمناه للإشاعة بأنها معلومة مهمة لا يمكن
إثباتها على ارض الواقع، مما يعني أن انتشار الإشاعة يتطلب تحقق عنصرين مهمين:
الأول: الأهمية للمجتمع المراد لها التأثير فيه، والثاني: درجة من الغموض مصاحبة
لانتشار المعلومة(1). فكلما كانت المعلومة أكثر أهمية كانت فرصته في الانتشار
أوسع وأشمل، وكلما كانت المعلومة غامضة ولا يمكن التحقق من مصداقيتها
كانت سرعة انتشارها أكبر، ونشير هنا إلى أن توفر العنصرين معا مطلب لانتشار
الإشاعة إذ لا يمكن للخبر المهم أن ينتشر في المجتمعات التي تتمتع بدرجة عالية من
الثقافة والشفافية، ولا يمكن للخبر غير المهم أن يحظى بدائرة من الإنتشار الواسع
حتى لو كانت درجة الغموض المصاحبة لانتشاره على درجة كبيرة جداً.
(1) احمد نوفل، مرجع سابق.
صفحة ١٢٣ – كتاب الشائعات و دور وسائل الإعلام في عصر المعلوماتية – د. هباس بن رجاء الحربي
مراحل انتشار الإشاعة Stages of Rumor s Diffusion
1- مرحلة الولادة: Birth
هذه المرحلة تعرف بأنها مرحلة إنتاج الإشاعة وتولدها، ومرحلة العرض
والطلب عليها. في هذه المرحلة يقوم العدو أو الطابور الخامس من منافقين ومخبرين وحاقدين وعملاء ومأجورين ومرتزقة ومضللين ورجال إعلام سواء كانوا من أبناء البلد أو من أبناء الأعداء بإنتاج الإشاعة عند توفر الوقت المناسب والجو الملائم والتربة الخصبة لزرع بذور الشر والفتنة والكراهية والعداء وتحطيم المعنويات وإثارة النزاعات بين الأفراد والجماعات والشعوب، مع العم ان جزءاً منهم قد يكون بحسن نية ولا يقصد الإضرار، وفي بعض الأحيان يلعب المضللون دوراً هداماً في نتاج وترويج الإشاعات.
ففي الوقت الذي يطلب الناس المعلومات التي تساعدهم على تفسير ما يجري
حولهم في السلم والحـرب ولا يجـدونها يقـوم مطلقـو ومنتجـو ومروجـو الإشـاعات بتزويدهم بمعلومات تلبي رغباتهم وتفك الغموض وتقدم لهم ما يبدو أنه المجهول الذي يؤرقهم
2- مرحلة المغامرة أو المجازفة Adventure
وهي مرحلة انتشار الإشاعة وذيوعها بين الناس إنها الدائرة التي تسير فيها
الإشاعة. ولقد أثبتت عدة دراسات ميدانية وتجريبية علمية بان انتشار وترويج
الإشاعة يعتمد بشكل أساس على قانون محدد وعلى الفعل والعمل الجماعي.
فالأفراد والجماعات يطلقون الإشاعات ويشتركون في ترويجها على حد سواء(2).
(1) محمد عويضة، علم النفس الإشاعة، بيروت، دار الكتب العلمية ، 1996
(2) المرجع نفسه.
صفحة ٩٠ – كتاب الشائعات و دور وسائل الإعلام في عصر المعلوماتية – د. هباس بن رجاء الحربي
خصائص شائعات الانترنت
شائعات الانترنت تتميز عن غيرها من التي تنتشر بين الناس في المجالس
وأماكن العمل بما يأتي:
1- الانتشار السريع حيث تنتقل عن طريق الانترنت بشكل سريع ومن الممكن
نقلها لآخر عند استلامها خلال ثوان أو دقائق معدودة.
2- ارتفاع عدد المتلقين، لان الأشخاص المستقبلين لإشاعة الانترنت عن طريق
البريد الالكتروني، فانه عند محاولة إرسالها لآخرين فان المرسل الجديد لا
يتردد بان يرسلها لآخرين من أصحابه أو كل من يمتلك عنوانه في دفتر العناوين التي قد تصل لبعض مئات أو الآلاف. وجرت العادة لمعظم مستخدمي
الشبكة بحفظ الكثير من العناوين لأصدقائهم وأصدقاء أصدقائهم
ولآخرين قد ليس بينهم أي علاقة مسبقة، إلا أن عناوينهم وصلت من خلاله
احد الرسائل المرسلة إليهم. كما أن بعض المستقبلين شائعات الانترنت
يقومون بإرسالها لمجموعات النقاش أو القوائم البريدية التي يصل تعداد
أفرادها بالآلاف.
3- لا يجري عليها التغيير كالتي يتم تداولها عبر الهواتف أو في المجالس المباشرة والتي يجري عليها الكثير من التحوير والتغيير المقصود والعفوي. فتبدأ الشائعة مثلا بان شركة كذا تفكر بالقيام بمشروع ما، وبعد تناقلها قد
تصل في أحد رواياتها بان الشركة نفذت المشروع، أو أن المشروع واجه فشلاً
ذريعا في رواية أخرى. أما شائعات الانترنت والتي تنتشر بسرعة فإن الشائعة
تنقل كما هي من دون تحريف أو تغيير نظراً لأنه يتم توجيهها لمختارين نصا
كما تم استقبالها.
4- اختراق الحدود، بطبيعة الشبكة العنكبوتية فهي تتجاوز الحدود
الجغرافية والاجتماعية والسياسية، لقد جرت العادة بان الشائعات المعتادة
تروج في مدينة معينة وبعد فترة وعلى حسب أهمية خبر أو معلومة الشائعة
صفحة ١٢١ – كتاب الشائعات و دور وسائل الإعلام في عصر المعلوماتية – د. هباس بن رجاء الحربي
انتشار الإشاعة Dissimination of Rumor
يعمـل علـى نـشـر الإشـاعة أو ترويجهـا عـدة أشخاص لـكـل
(rumor- mongers) منهم دور يقوم به في سياق سريان الإشاعة وتطورها(1).
1. الحامل أو الناقل أو المبلغ أو الرسول Messenger وظيفته تقوم على إيصال الرسالة الاتصالية “الإشاعة” إلى الجمهور المستهدف أو المقصود ، وهو من أهم الأدوار في عملية انتشار الإشاعة.
2. المفسر Interpreter يقوم بتفسير وتوضيح الإشاعة ويتوقع حول مضمونها
محاولاً فهم ما حدث أو ما يجري حوله بخصوص المضمون الذي تحمله هذه
الرسالة وهؤلاء هم العقلانيون.
3. المترددون أو المتشككون Skeptics يعبرMakers فهؤلاء سمعوا أو قرؤوا
ويحذرون الناس من ما جاء في الرسالة وهؤلاء هم الشريحة الواعية.
4. بعض المستقبلين يحاولون لمصلحة أو لغاية ما التفسيرات الخاصة بتلك الإشاعة دون غيرها.
5.متخذو القرار Decision – Makers فهؤلاء يتصرفون بناء على الأخبار أو المعلومات الواردة في تفاصيل الإشاعة، فإذا سمعوا بان هناك سلعة ما ستنفذ أو تختفتي من السوق أو سيرتفع سعرها يسارعون إلى السوق لشراء وجمع كميات كبيرة منها وتخزينها للمستقبل خوفا من المجهول. وهؤلاء هم العامة من الناس الذي يعوزهم الوعي الكافي.
(1) فتحي عكاشة وشفيق زكي، علم النفس الاجتماعي. الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث ،
.1997
صفحة ٩٣ – كتاب الشائعات و دور وسائل الإعلام في عصر المعلوماتية – د. هباس بن رجاء الحربي
