التبعية الاعلامية و الثقافية في العالم الثالث
١. التبعية التكنولوجية
يقصد بالتبعية التكنولوجية في مجال الاتصال الاعتماد الجزئي او الكلي على المجتمعات الاجنبية في كل مايتعلق بالبنى الاساسية للاتصال، اي المرافق و المعدات وتسهيلات الانتاج و التوزيع التي يحتاجها الناشط للاتصال في مختلف مراحلة سواء جمع المعلومات او اعدادها او نشرها وتوزيعها، وتتضمن مرحلة جمع البيانات وسائل الاتصال السلكية و اللاسلكية و الاقمار الصناعية و وكالات الانباء وشبكات التلكس و شبكات الكوابل، اما مرحلة اعداد المعلومات فهي تستلزم ضرورة توفير اجهزة الطباعة وادواتها و الان الجمع الالكتروني و الان التصوير و بنوك المعلومات و الحاسباالالكترونية و اذاكان هناك عرف شائع يعمد الى تقسيم بنى وسائل الاتصال الى قسمين رئيسيين اولها يتضمن وسائل انتاج الافكار و المعلومات و الجوانب الترفيهية ويقتصر ثانيهما على وسائل التوزيع و البث فان هذا لا يعني الفصل بين هذين القسمين بل ان التداخل بينهما والسيطرة الموحدة عليهما تزداد في الوقت الاهم اكثر مما كانت عليه في الماضي
صفحة ٤٧ – كتاب قضايا التبعية في العالم الثالث – د. عواطف عبد الرحمن
وقد حصرت لجنة ماكبرايد الاثار الضارة المترتبة على نقل التكنولوجيا الغربية الى الدول النامية فيما يلي
١ ان تصدير التكنولوجيا الغربية التي تعكس الظروف و الممارسات الاقتصادية و الاجتماعية لجزء واحد من اجزاء العالم فحسب يوحي بتجاهل واقع و احتياجات شعوب العالم الثالث التي تستورد هذه التكنولوجيا و تعتمد عليها و تعتمد على كثافة راس المال اكثر من اعتمادها على كثافة العمل و الانتاج
٢ تخلق تبعية لراس المال الاجنبي لمصادر الانتاج الاجنبية وللاوراق و التوقعات الاجنبية
٣ تشرف على تصدير التكنولوجيا و توزيعها الشركات المتعددة الجنسية التي تواصل سيطرتها على الدول النامية من خلال هذه التكنولوجيا
٤ لا يستفيد من التكنولوجيا الغربية سوى جماعات النخبة وخصوصا في الصحف و التلفزيون و الاذاعة اكثر مما يفيد القطاعات الشعبية العريضة
٥ لم يسهم نقل التكنولوجيا في استفاء الذاتي او في تدعيم التعاون بين الدول النامية
٦ تساعد التكنولوجيا الغربية على هجرة السكان من الريف الى المدن في دول العالم الثالث
٢. التبعية الثقافية
تعد وسائل الاتصال ادوات ثقافية فيه تشكل الوسيلة الاساسية في الحصول على الثقافة وجميع اشكال الابداع بالنسبة للقطاعات الواسعة من الشعوب و على الرغم من ان قدرا هائلا من التعبير الثقافية لايزال يحتفظ باشكاله التقليدية المباشرة فان وسائل الاعلام الجماهيرية في العصر الراهن توفر الزاد الثقافي للملايين من الدول النامية على اللغات الاجنبية و تجاهلها اللغات الوطينة والواقع انه مالم تستخدم وسائل الاعلام اللغات القومية الرئيسية في العالم الثالث فانه لا يمكن قيام نظم اتصال فعالة على المستوى القومية كذلك يؤدي استبعاد اللغات المحلية الى حرمان الغالبية العضمى من الجماهير من حقها في المشاركة في الشؤون القومية ثقافيا وسياسية و اجتماعيا مما لا يؤثر فقط على الثقافة الوقويمة بل يؤثر ايضا على التماسك الاجتماعي و الحيوي و السياسية
وهناك بعض المخاوف من ان يؤدي حرص شعوب العالم الثلاثعلى حماية ثقافتها القومية من الانغلاق الثقافي او ما يسمى السوفيتية الثقافية وقد حذر من ذلك البروفيسور باسكال نائب مدير عام اليونسكو هوهو فنزويلي الجنسية اذ قال ان الثقافة القومية ليست مجموعة احجار اثرية او ابطال او قيم فلكلورية يتم عرضها على السائحين ولكن الثقافة القومية هي خلاصة الميراث الروحي للشخصية القويمة فهي تضم كل القيم الرمزية و المجسدة التي تتميز بها هذه الشخصية فالثقافة القومية بمعناها التحرري هي ضد السوفيتية بشكل مطلق ولا تقف عند نهاية محددة تغلق الطريق امام المنتمين اليها ولالا فانها سوف تشكل تهديدا لحرياتهم وطورهم الانساني
٣. التبعية الاعلامية – الدفع الاعلامي ذو الاتجاه الواحد
٤. لقد قيل بانه لا يحق لدولة ان تدعي انها مستقلة اذ كانت وسائلها الإعلامية تحت سيطرة اجنبية اذ ظهر بوضوح انه لايمكن ان يقوم استقلال حقيقيوشامل دون وجود وسائل اتصال وطينة مستقلة تكون قادرة على حماية هذا الاستقلال و تعزيزه و تشير الخريطة الإلزامية الراهنة للعالم الى ان التفاوت في السطلة والثراء بين شمال العالم و جنوبه كان له انعكاساته السلبية المباشرة على لابنى الإلزامية و التدفق الاعلامي مما ادى الى خلق اشكال متباينة من عدم المساواة و الاختلال و التفاوت الاعلامي كما ازداد اتساع الفجوة بين من يملكون المعلومات و وسائل نشرها و توزيعها وبين من يفتقرون اليها وكذلك تاكد الاختلال بين من يبثون المعلومات وبين من يتلقونها و على الرغم من النمو الهائل الذي شهدته وسائل الاتصال في السنوات الاخيرة على النطاق العلامي فان اوجه التفاوت والتباين تمثل سمة رئيسية للخريطة العالمية للاعلام و اذا كانت اسباب هذا التفاوت ترجع الى فترة السيرة الاستعمارية التي مارستها الدول الغربية ضد شعوب العلام الثالث فان التدفق الحر للانباء الذي ارست مبادئة الولايات المتحدة بعد كسرها الاوروبي للاعلام في اعقاب نهاية الحرب العالمية لانانية اضاف سببا جديدا للاختلال في التدفق الاعلام بين الدول الصناعية المتقدمة ودول العالم الثالث مما ساعد على ترسيخ الصور العديدة للتبعية الإلزامية و الثقافية ولا يقتصر هذا الاختلال في التدفق الاعلامي على النطاق الدولي فحسب بل يمتد ليشمل النطاقات القومية على المستوى الجغرافي في المدن و الريف و على المستوى الاجتماعي و السياسي الاغنياء و الفقراء و الحكام و المحكومين و على المستوى الحضاري والثقافية ولقد ادى تطبيق مبدا التفرق الحر الى ظهور مايسمى بالتدفق في اتجاه واحد من اعلى الى اسف اي التدفق الذي يتخذ شكلا راسيا ويتجه هذا التفوق سوواء كان في شكل معلومات او اخبار او برامج اعلامية او منتجات ثقافية في معظمه من الدول المتدقمة التي تملك الاكانيات التكنولوجية الى الدول الفقيرة التي تشكل غالبية العالم الثالث و يشكل هذا التدفق ذي الاتجاه الواحد الراسي ضررا بالغا على الحقوق القويمة للشعوب النامية سواء في جال الثقافة او في مجال الاعلام
صفحة ٥٦ – كتاب قضايا التبعية في العالم الثالث – د. عواطف عبد الرحمن